قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك الجائر قال للتاجر الذي يريد أن يشتري الجواهر من أرضه لا يمكن أن تأخذ معاشاً من أرضي حتى تفدي نفسك بهذا المال وتهلك، فقال الرجل في نفسه: وقعت بين ملكين وقد علمت أن جور هذا الملك عام على كل من أقام بأرضه فأن أرضه كان هلاكي وذهاب المال لا بد منهما ولم أصب حاجتي وإن أعطيته جميع المال كان هلاكي عند الملك صاحب المال لا بد منه وليس لي حيلةٌ سوى أن أعطيه من هذا المال جزءاً يسيراً وأرضيه به وأذهب عن نفسي وعن هذا المال الهلاك وأصيب من خصب هذه الأرض قوت نفسي حتى أبتاع ما أريد من الجواهر وأكون قد أرضيته بما أعطيته وأخذ نصيبي من أرضه هذه وأتوجه إلى صاحب المال بحاجته فأني أرجو من عدله وتجاوزه ما لا أخاف معه عقوبة فيما أخذه هذا الملك من المال خصوصاً إذا كان يسيراً.ثم أن التاجر دعا الملك وقال له: أيها الملك أنا أفدي نفسي وهذا المال بجزء صغير منه منذ دخلت أرضك حتى أخرج منها، فقبل الملك منه ذلك وخلى سبيله سنة فاشترى الرجل بماله جميعه جواهر وانطلق إلى صاحبه الملك العادل مثالاً للآخرة والجواهر التي بأرض الملك الجائر مثل الحسنات والأعمال الصالحة والرجل صاحب المال مثل لمن طلب الدنيا والمال الذي معه مثال الحياة الإنسان، فلما رأيت ذلك علمت أنه ينبغي لمن طلب المعيشة في الدنيا أن لا يخلي يوماً عن طلب الآخرة فيكون قد أرضى الدنيا بما ناله من خصب الأرض وأرضى الآخرة بما يصرف من حياته.قال شماس: فأخبرني عن الجسد والروح سواء في الثواب والعقاب أو إنما يختص بالعقاب صاحب الشهوات وفاعل الخطيئات، قال الغلام: قد يكون الميل إلى الشهوات والخطيئات موجبات للثواب بحبس النفس عنها والتوبة منها والأمر بيد من يفعل ما يشاء وبعدها تتميز الأشياء على أن المعاش لا بد منه للجسد ولا جسد إلا بالروح وطهارة الروح بإخلاص النية في الدنيا والالتفاتات إلى أن ينفع في الآخرة فهما فرساً رهان ورضيعاً لبان ومشتركان في الأعمال وباعتبار النية تفصيل الإجمال وكذلك الجسد والروح مشتركان في الأعمال وفي الثواب والعقاب وذلك مثل الأعمى والمقعد الذين أخذهما رجل صاحب بستان وأدخلهما بستان وأمرهما أن لا يفسدا فيه ولا يصنعا فيه أمراً يضر به.
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 859
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 860
فلما طابت أثمار البستان قال المقعد للأعمى: ويحك أني أرى أثمار طيبة وقد اشتهينا لها ولست أقدر على القيام إليها لآكل منها فقم أنت لأنك صحيح الرجلين وائتنا منها بما نأكل، فقال الأعمى: ويحك قد ذكرتها لي، وقد كنت عنها غافلاً ولست أقدر على ذلك لأني لست أبصرها، فما الحيلة في تحصيل ذلك، فبينما هما كذلك إذ أتاهما الناظر على البستان وكان رجلاً عالماً فقال له المقعد، ويحك يا ناظر إنا قد اشتهينا شيئاً من هذه الثمار ونحن كما ترى أنا مقعد وصاحبي هذا أعمى لا يبصر شيئاً فما حيلتنا? فقال لهما الناظر: ويحكما لستما تعلمان ما عاهدكما عليه صاحب البستان من أنكما لا تتعرضان لشيءٍ مما يؤثر فيه من الفساد فانتهينا ولا تفعلا، فقالا له: لا بد لنا من أن نصيب من هذه الثمار ما نأكله فأخبرنا بما عندك من الحيلة فلما لم ينتهيا عن ريهما، قال لهما: الحيلة في ذلك أن يقوم الأعمى ويحملك أيها المقعد على ظهره ويدنيك من الشجرة التي تعجبك ثمارها حتى إذا أدناك منها تجني أنت ما أصبت من الثمار فقام الأعمى وحمل المقعد وجعل يهديه إلى السبيل حتى أدناه إلى شجرة فصار المقعد يأخذ منها ما أحب ولم يزل ذلك دابهما حتى أفسدا ما في البستان من الشجر وإذا بصاحب البستان قد جاء وقال لهما: ويحكما ما هذه الفعال? ألم أعاهدكما على أن لا تفسدا في هذا البستان.? فقالا له: قد علمت أننا لا نقدر أن نصل إلى شيءٍ من الأشياء لأن أحدنا مقعد لا يقوم والآخر أعمى لا يبصر ما بين يديه فما ذنبنا? فقال لهما صاحب البستان: لعلكما تظنان أني لست أدري كيف صنعتما وكيف أفسدتما في بستاني كأني بك أيها الأعمى قد قمت وحملت المقعد على ظهرك وصار يهديك السبيل حتى أوصلته إلى الشجر، ثم أنه أخذهما وعاقبهما عقوبةً شديدةً وأخرجهما من البستان. فالأعمى مثال للجد لأنه لا يبصر إلا بالنفس والمقعد مثال للنفس التي لا حركة لها إلا بالجسد وأما البستان فأنه مثال للعمل الذي لا يجازي به العبد والناظر مثال للعقل الذي يأمر بالخير وينهي عن الشر، فالجسد والروح مشتركان في الثواب قال له شماس: قد صدقت وأنا قبلت قولك هذا فأخبرني أي العلماء عندك أحمد? قال الغلام: من كان بالله عالماً وينفعه علمه قال شماس: ومن ذلك? قال الغلام: من يلتمس رضا ربه ويتجنب سخطه قال فأيهم أفضل? قال الغلام: من كان بالله أعلم قال شماس: فمن أشدهم اختباراً? قال: من كان على العمل بالعلم صباراً قال شماس: أخبرني من أرقهم قلباً? قال: أكثرهم استعداداً للموت وذكراً وأقلهم أملاً لأن من أدخل على نفسه طوارق الموت كان مثل الذي ينظر في المرآة الصافية فإنه يعرف الحقيقة ولا تزداد المرآة إلا صفاء وبريقاً. قال شماس: أي الكنوز أحسن? قال: كنوز السماء قال: أحسن قال: تعظيم الله وتحميده قال: فأي كنوز الأرض أفضل? قال: اصطناع المعروف.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السابعة بعد التسعمائة
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 860
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 861
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير شماس لما قال لابن الملك: أي كنوز الأرض أفضل قال له اصطناع المعروف قال: صدقت وقد قبلت قولك هذا فأخبرني عن الثلاثة المختلفة: العلم والذهن وعن الذي يجمع بينهما? قال الغلام: إنما العلم من التعلم وأما الرأي فأنه من التجارب وأما الذهن فأنه من التفكر وثباتهم واجتماعهم في العقل فمن اجتمعت فيه هذه الخصال كان كاملاً ومن جمع إليهم تقوى الله على مصيباً قال شماس: صدقت وقد قبلت منك ذلك فأخبرني عن العلم العليم ذي الرأي السديد والفطنة الوقادة والذهن الفائق الرائق هل يغيره الهوى والشهوة عن هذه الحالات? قال الغلام: إن هاتين الخصلتين إذا أدخلتا على الرجل غيرنا علمه ورأيه وذهنه وكان مثل العقاب الكاسر الذي عن القنص محاذر المقيم في جو السماء لفرط حذقه فبينما هو كذلك إذ نظر رجلاً صياداً قد نصب شركه، فلما فرغ الرجل من نصب الشرك وضع فيه قطعة لحم فعند ذلك أبصر العقاب قطعة اللحم فغلب عليه الهوى والشهوة حتى نسي ما شاهده من الشرك ومن سوء الحال لكل من وقع من الطير فانقض من جو السماء حتى وقع على قطعة اللحم فاشتبك في الشرك. فلما جاء الصياد رأى العقار في شركه فتعجب عجباً شديداً وقال: أنا نصبت شركي ليقع فيه حمام أو نحوه من الطيور الضعيفة فكيف وقع فيه هذا العقاب? وقد قيل: إن الرجل العاقل إذا حمله الهوى والشهوة على أمر ينبغي أن يجعل عقله مثل الفارس الماهر في فروسيته إذا ركب الفرس الأرعن فإنه يجذبه باللجام الشديد حتى يستقيم ويمضي معه على ما يريد وأما من كان سفيها لا علم له ولا رأي عنده والأمور مشتبهة عليه والهوى والشهوة مسلطان عليه فإنه يشمل بشهوته وهواه فيكون من أثماره ولا يكون في الناس أسوأ حالاً منه.قال شماس: صدقت فيما قلت وقد قبلت ذلك منك فأخبرني متى يكون العلم نافعاً والعقل لونان: الهوى والشهوة دافعاً قال الغلام: إذا صرفهما صاحبهما في طلب الآخرة لأن العقل والعلم كليهما نافعان ولكن ليس ينبغي لصاحبهما أن يصرفهما في طلب الدنيا إلا بمقدار ما يصيب به قوته ويدفع عن نفسه شرها ويصرفها في عمل الآخرة قال: أخبرني ما أحق أن يلزم الإنسان ويشغل به قلبه قال: العمل الصالح قال: فإذا فعل الرجل ذلك شغله عن معاشه فكيف يفعل في المعيشة التي لا بد له منها? قال الغلام: إن نهاره وليله أربعة وعشرون ساعة فينبغي له أن يجعل منها جزءاً واحداً في طلب المعيشة وجزءاً واحداً للدعة والراحة ويصرف الباقي في طلب الباقي في طلب العلم لأن الإنسان إذا كان عاقلاً وليس عنده علم فأنه هو كالأرض المجدبة التي ليس فيها موضع للعمل والفرس والنبات.
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 861
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 862
فإذا لم تهيأ للعمل وتفرس لا ينفع فيها ثمر وإذا هيئت للعمل وغرست أنبتت ثمراً حسناً كذلك الإنسان بغير علم لا ينفع به حتى يغرس فيه العلم فإذا غرس فيه العلم أثمر قال شماس: فأخبرني عن علمٍ بغير عاقل ما شأنه قال: كعلم البهيمة التي تعلمت أوان مطعمها ومشربها وأوان يقظتها ولا عقل لها قال شماس: قد أوجزت في الإجابة عن ذلك وقد قبلت منك هذا الكلام فأخبرني كيف ينبغي أن أتوقى السلطان? قال الغلام: لا تجعل له عليك سبيلاً قال: وكيف أستطيع أن لا أجعل له علي سبيلاً وهو مسلط علي وزمام أمري بيده? قال الغلام: إنما سلطانه عليك بحقوقه التي قبلك فإذا أعطيته حقه فلا سلطان له عليك قال شماس: ما حق الملك على الوزير: قال النصيحة والإجتهاد في السر والعلانية والرأي السديد وكتم سره وأن لا يخفى عنه شيئاً مما هو حقيق بالإطلاع عليه وقلة الغفلة عما قلده إياه من قضاء حوائجه وطل رضاه بكل وجهٍ واجتناب سخطه عليه قال شماس: فأخبرني ما الذي يفعله الوزير مع الملك? قال الغلام: إذا كنت وزيراً للملك وأحببت أن تسلم منه فليكن سمعك وكلامك له فوق ما يؤمله منك وليكن طلبك منه الحاجة على قدر منزلتك عنده وأحذر أن تنزل نفسك منزلةً لم يرك لها أهلاً فيكون ذلك منك مثل الجراءة عليه فإذا اغتررت بحلمه ونزلت نفسك منزلة لم يرك لها أهلا تكون مثل الصياد الذي يصطاد الوحوش فيسلخ جلودها لحاجته إليها ويطرح لحومها فيجعل الأسد يأتي إلى ذلك المكان فيأكل من تلك الجيفة، فلما كثر تردده إلى ذلك المحل استأنس بالصياد وألفه فأقبل الصياد يرمي إليه ويمسح يده على ظهره وهو يلعب بذيله فعندما رأى الصياد سكوت الأسد له واستئناسه به وتذلله إليه قال في نفسه: إن هذا الأسد قد خضع إليه وملكته وما رأى إلا أني أركبه وأسلخ جلده مثل غيره من الوحوش فتجاسر الصياد ووثب على ظهر الأسد وطمع فيه فلما رأى الأسد ما صنع الصياد غضب غضباً شديداً ثم رفع يده وضرب الصياد فدخلت مخالبه في أمعائه ثم طرحه تحت قوائمه ومزقه تمزيقاً فمن ذلك علمت أنه ينبغي للوزير أن يكون عند الملك على حسب ما يرى من حاله ولا يتجاسر عليه الفضل رأيه فيتغير الملك عليه.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثامنة بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الغلام ابن الملك جليعاد قال للوزير شماس: ينبغي للوزير أن يكون عند الملك على حسب ما يرى من حوله ولا يتجاسر عليه لفضل رأيه فيتغير الملك عليه قال شماس: فأخبرني ما الذي يتزين به الوزير عند الملك? قال الغلام: داء الأمانة التي فرض إليه أمرها من النصيحة وسداد الرأي وتنفيذه لأوامره وقال له شماس: أما ما ذكرت من أن حق الملك على الوزير أن يتجنب سخطه ويفعل ما يقتضي رضاه ويهتم بما قلده إياه فأنه أمرٌ واجبٌ ولكن أخبرني ما الحيلة إذا كان الملك إنما رضاه بالجور وارتكاب الظلم والعسف، فما حيلة الوزير إذا هو ابتلى به بعشرة ذلك الملك الجائر فإنه أراد أن يصرفه عن هواه وشهوته ورأيه لا يقدر على ذلك وإن هو تابعه على هواه وحسن له رأيه حمل وزر ذلك وصار للرعية عدواً فما تقول في هذا? فأجابه الغلام قائلاً: إن ما ذكرت أيها الوزير من الوزر والإثم إنما هو إذا تابعه على ما أرتكبه من الخطأ ولكن يجب على الوزير إذا شاوره الملك في مثل هذا أن يبين له طريق العدل والإنصاف ويحذره من الجور والإعتساف ويعرفه حسن السيرة في الرعية ويرغبه فيما في ذلك من الثواب ويحذره عما يلزمه من العقاب فإن مال وعطف إلى كلامه حصل المراد وإلا فلا حيلة له إلا بمفارقته إياه بطريقة لطيفة لأن في المفارقة لكل واحدٍ منهما الراحة.
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 862
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 863
قال الوزير: فأخبرني ما حق الملك على الرعية وما حق الرعية على الملك? قال: الذي يأمرهم به يعلمونه بنيةٍ خالصة ويطيعونه فيما يرضيه ويرضي الله ورسوله وحق الرعية على الملك حفظ أموالهم وصون حريمهم كما إن للملك على الرعية السمع والطاعة وبذل الأنفس دونه وإعطاءه واجب حقه وحسن الثناء عليه بما أولاهم من عدله وإحسانه قال شماس: قد بينت لي ما سألتك عنه من حق الملك والرعية فأخبرني هل بقي للرعية شيءٌ على الملك غير ما قلت? قال الغلام: نعم حق الرعية على الملك أوجب من حق الملك على الرعية وهو أن ضياع حقهم عليه أضر من ضياع حقه عليهم لأنه لا يكون هلاك الملك وزوال ملكه ونعمه إلا من ضياع حق الرعية فمن تولى ملكاً يجب عليه أن يلازم ثلاثة أشياءٍ وهي: إصلاح الدين وإصلاح السياسة، فبملازمة هذه الأمور يدوم ملكه، قال: أخبرني كيف ينبغي أن يستقيم في إصلاح الرعية? قال: بأداء حقهم وإقامة سنتهم، واستعمال العلماء والحكماء لتعليمهم وإنصاف بعضهم من بعضٍ وحقن دمائهم والكف عن أموالهم وتخفيف الثقل عنهم وتقوية جيوشهم، قال: فأخبرني ما حق الوزير على الملك? قال الغلام: ليس على الملك حقٌ لأحد من الناس أوجب عليه الواجب من الحق الواجب عليه للوزير ثلاث خصال: الأولى للذي يصيبه معه خطأ الرأي والإنتفاع العام للملك والرعية عند سداد الرأي، والثانية لعلم الناس حسن منزلة الوزير عند الملك فتنظر إليه الرعية بعين الإجلال والتوقير وخفض الجناح، والثالثة أن الوزير إذا شاهد ذلك من الملك والرعية دفع عنهم ما يكرهونه ووفى لهم بما يحبونه قال شماس: قد سمعت ما قلته لي من صفات الملك والوزير والرعية وقبلته منك فأخبرني ما ينبغي لحفظ اللسان عن الكذب والسفاهة وسب العرض والإفراط في الكلام? قال الغلام: ينبغي للإنسان أن لا يتكلم إلا بالخير والحسنات ولا ينطق في شأن ما لا يعنيه ويترك النميمة ولا ينقل عنه حديثاً سمعه منه لعدوه ولا يطلب لصديقه ولا لعدوه ضرراً عند سلطانه ولا يعبأ بمن يرتجيء خبره ويتقي شره إلا الله تعالى لأنه هو الضار النافع على الحقيقة ولا يذكر لأحد عيباً ولا يتكلم بجهلٍ لئلا يلزمه الوزير والإثم من الله والبغض بين الناس وأعلم أن الكلام مثل السهم إذا نفذ لا يقدر أحدٌ على رده وليحذر أن يودع سره عند من يفشيه فربما تقع في ضرارية إفشائه بعد أن يكون على ثقة من الكتمان وإن مخفياً لسره عن صديقه أكثر من إخفائه عن عدوه فإن كتمان السر عن جميع الناس من أداء الأمانة.قال شماس: فأخبرني عن حسن الخلق مع الأهل والأقارب? قال الغلام: إنه لا راحة لبني آدم إلا بحسن الخلق ولكن ينبغي أن يصرف الأهل ما يستحقونه وإلى أخوانه ما يجب لهم قال: أخبرني ما الذي يجب أن يصرفه إلى الأهل? قال: أما الذي يصرفه للوالدين فخفض الجناح وحلاوة اللسان ولين الجانب والإكرام والوقار وأما الذي يصرفه للإخوان فالنصيحة وبذل المال ومساعدتهم على أسبابهم والفرح لفرحهم والإغضاء عما يقع منهم من الهفوات فإذا عرفوا منه ذلك قابلوه بأعز ما عندهم من النصيحة وبذلوا الأنفس دونه فإذا كنت من أخيك على ثقةٍ فأبذل له وكن مساعداً له على جميع أموره.
وفي الليلة التاسعة بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الغلام ابن الملك جليعاد لما سأله الوزير شماس عن المسائل المتقدمة ورد له أجوبتها قال الوزير شماس له: إني أرى الأخوان صنفين: أخوان ثقة وأخوان معاشرة، أما أخوان الثقة فأنه يجب لهم ما وصفت فأسألك عن غيرهم من أخوان المعاشرة قال الغلام: أما أخوان المعاشرة فإنك تصيب منهم لذة وحسن خلق وحلاوة لفظ وحسن معاشرة فلا تقطع منهما لذتك بل أبذل مثل ما يبذلونه لك وعاملهم بمثل ما يعاملونك به من طلاقة الوجه وعذوبة اللسان فيطيب عيشك ويكون كلامك مقبولاً عندهم.قال شماس: قد عرفنا هذه الأمور كلها فأخبرني عن الأرزاق المقدرة للخلق من الخالق هل هي مقسومة بين الناس والحيوان فكل واحد رزقٍ إلى تمام أجله وإذا كان الأمر كذلك ما الذي يحمل طالب المعيشة على إرتكاب المشقة في طلب ما عرف أنه لم يكن مقدوراً له فلا بد من حصوله وأن لم يرتكب مشقة السعي وأن لم يكن مقدوراً له فلا يتحصل له ولو سعى إليه غاية السعي فهل يترك السعي ويكون على ربه متوكلاً ولجسده ونفسه مريحاً?
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 863
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 864
قال الغلام: إنا رأينا لكل واحدٍ رزقاً مقسوماً وأجلاً محتوماً ولكن لكل رزقٍ طريق وأسباب فصاحب الطلب يصيب في طلبه الراحة بترك الطلب ومع ذلك لا بد من طلب الرزق غير أن الطالب على ضر بين أما أن يصيب وأما أن يحرم راحة المصيب في الحالتين أصابة رزقه وإن عاقبه طلبه حميدة وراحة المحروم في ثلاث خصال: الإستعداد لطلب رزقه والتنزه عن أن يكون كلا على الناس والخروج عن عهدة الملامة.قال شماس: أخبرني عن باب طلب المعيشة? قال الغلام: يستحل الإنسان ما أحله الله ويحرم ما أحرمه الله عز وجل وانقطع بينهما الكلام لما وصل إلى هذا الحد ثم قام الوزير شماس هو ومن حضر من العلماء وسجدوا للغلام وعظموه وضمه أبوه إلى صدره ثم بعد ذلك أجلسه على سرير الملك وقال: الحمد لله الذي رزقني ولداً أقر به عيناي في حياتي.ثم قال الغلام لشماس ومن حضر من العلماء: أيها العالم صاحب المسائل الروحانية إن لم يكن فتح الله علي من العلم إلا شيء قليل فإني قد فهمت قصدك في قبولك مني ما أتيت به جواباً عن ما سألتني سواء كنت مصيباً أو مخطئاً ولعلك صفحت عن خطئي وأنا أريد أن أسألك عن شيء عجز عنه رأيي وضاق منه ذرعي وكل عن وصفه لساني لأنه أشكل على أشكال الماء الصافي في الإناء الأسود فأحب منك أن تشرحه لي حتى لا يكون شيئاً مبهماً على مثلي فيما يستقبل مثل إبهامه علي فيما مضى لأن الله كما جعل الحياة بالماء والقوة بالطعام وشفاء المريض مداواة الطبيب جعل شفاء الجاهل يعلم العالم فأنصت إلى كلامي.قال الوزير شماس: أيها المضيء العقل صاحب المسائل الصالحة ومن شهد له العلماء كلهم بالفضل لحسن تفضيلك للأشياء وتقسيمك إياها وحسن أصابتك في إجابتك عما سألتك عنه قد علمت أنت لست تسألني عن شيء ما إلا وأنت في تأويله أصوب رأياً وأصدق مقالاً لأن الله قد أتاك من العلم ما لم يأت أحداً من الناس فأخبرني عن هذه الأشياء التي تسألني عنها? قال الغلام: أخبرني عن الخالق جلت قدرته من أي الأشياء خلق الخلق ولم يكن قبل ذلك شيء وليس ترى في هذه الدنيا شيء إلا مخلوق من شيء والباريء تبارك وتعالى قادر على أن يخلق الأشياء من لا شيء ولكن اقتضت إرادته مع كمال القدرة والعظمة أنه لا يخلق شيئاً إلا من شيءٍ.قال للوزير شماس: أما صناع الآلات من الفخار وغيره من الصنائع فلا يقدرون على إبتداع شيءٍ إلا من شاء أدهم مخلوقون وأما الخالق الذي صنع العلم بهذه الصنعة العجيبة فإن شئت أن تعرف قدرته تبارك وتعالى على إيجاد الأشياء فأطل الفكر في أصناف الخلق فأنك ستجد آيات وعلامات دالة على كمال قدرته وإنه قادر على أن يخلق الأشياء من لا شيءٍ بل أوجدها بعد العدم المحض لأن العناصر التي هي مادة الأشياء كانت عدماً محضاً وقد أوضحت لك ذلك حتى لا تكون في شك منه وبين لك ذلك آية الليل والنهار فإنهما يتعاقبان حتى إذا ذهب النهار وجاء الليل خفي علينا النهار ولم نعرف له مقراً وإذا ذهب الليل بظلمته ووحشته جاء النهار ولم نعرف لليل مقراً وإذا أشرقت علينا الشمس لا نعرف أين يطوي نورها وإذا غربت لم نعرف مستقر غروبها وأمثال ذلك من أفعال الخالق عز اسمه وجلت قدرته كثيرة مما يحير أفكار الأذكياء من كبار المخلوقات.قال الغلام: أيها العالم أنك عرفتني عن قدرة الخالق ما لا يستطاع إنكاره لكن أخبرني كيف إيجاده لخلقه? قال الوزير شماس: إنما الخلق مخلوقة بكلمته التي هي موجودة قبل الدهر وبها خلق جميع الأشياء قال الغلام: إن الله تعاظم اسمه وارتفعت قدرته إنما أراد إيجاد الخلق قبل وجودهم قال شماس: وبإرادته خلقهم بكلمته فلولا أن له نظفاً وأظفر كلمةً لم تكن الخليفة موجودة.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة العاشرة بعد التسعمائة
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 864
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 865
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الغلام لما سأل شماساً عن المسائل المتقدمة أجابه عنها ثم قال له: إنه لا يخبرك أحد من الناس غير ما قلته إلا بتحريف الكلام الوارد في الشرائع عن موضعه وصرف الحقائق عن وجوهها ومن ذلك قولهم أن الكلمة لها استطاعة أعوذ بالله من هذه العقيدة بل قولنا في الله عز وجل أنه خلق الخلق بكلمته معناه إنه تعالى واحدٌ في ذاته وصفاته وليس معناه أن كلمة الله لها قدرة بل القدرة صفة الله كما أن الكلام وغيره من صفات الله تعالى شأنه وعز سلطانه فلا يوصف هو دون كلمته ولا توصف كلمته دونه، فالله جل ثناؤه خلق بكلمته جميع خلقه وبغير كلمته لم يخلق وإنما خلق الأشياء بكلمته الحق، فبالحق نحن مخلوقون.قال الغلام: قد فهمت من أمر الخالق وعزت كلمته ما ذكرت وقبلت ذلك بفهم لكني سمعتك تقول إنما خلق الخلق بكلمته الحق، والحق ضد الباطل فمن أين عرض الباطل وكيف يمكن عرضه للحق حتى يشتبه به ويلتبس على المخلوقين فيحتاجون إلى الفصل بينهما وهو الخالق عز وجل محبٍ لهذا الباطل أم مبغضٍ له، فإن قلت أنه محب للحق وبه حق خلقه ومبغض للباطل فمن أين دخل هذا الذي يبغضه الخالق على ما يحبه وهو الحق? قال شماس: إن الله لما خلق الإنسان ولم يكن محتاجاً إلى توبة حتى دخل الباطل على الحق الذي هو مخلوق به سبب الإستطاعة التي جعلها الله في الإنسان وهي الإرادة والميل المسمى بالكسب، فلما دخل الباطل على الحق بهذا الاعتبار ألتمس الباطل بالحق بسبب إرادة الإنسان واستطاعته والكسب الذي هو الجزء الإختياري مع ضعف طبيعة الإنسان فخلق الله له التوبة لتصرف عنه ذلك الباطل وتثبته على الحق وخلق له العقوبة إن هو أقام على ملابسه الباطل.قال الغلام: فأخبرني ما سبب عروض هذا الباطل للحق حتى ألتبس به وكيف وجبت العقوبة على الإنسان حتى أحتاج إلى التوبة? قال شماس: إن الله خلق الإنسان بالحق جعله محباً له ولم يكن له عقوبة ولا توبة، واستمر كذلك حتى ركب الله فيه النفس التي هي من كمال الإنسانية مع ما هي مطبوعة عليه من الميل إلى الشهوات فنشأ من ذلك عروض الباطل والتباسه بالحق الذي خلق الإنسان به وطبع على حبه، فلما صار الإنسان إلى هذه الغاية زاغ عن الحق إنما يقع في الباطل.قال الغلام: إن الحق إنما دخل عليه الباطل بالمعصية والمخالفة، فقال شماس: وهو كذلك لأن الله يحب الإنسان ومن زيادة محبته له خلق الإنسان محتاجاً إليه وذلك هو الحق بعينه ولكن ربما استرخى الإنسان عن ذلك بسبب ميل النفس إلى الشهوات ومال إلى الخلاف فصار إلى ذلك الباطل بالمعصية التي بها عصى ربه فاستوجبت لعقوبة وبإزاحة الباطل عنه بتوبته ورجوعه إلى محبة الحق استوجب الثواب.قال الغلام: أخبرني عن مبتدأ المخالفة مع أن الخالق مرجعهم جميعاً إلى آدم وقد خلقه الله بالحق فكيف جل المعصية لنفسه ثم قرنت معصيته بالتوبة بعد تركيب النفس ليكون عاقبة الثواب والعقاب ونحن نرى بعض الخلق مقيماً على المخالفة مائلاً إلى ما لا يحبه مخالفة لمقتضى أصل خلفته من حب لحق مستوجباً لسخط ربه عليه وترى بعضهم مقيماً على رضا خالقه وطاعته مستوجباً للرحمة والثواب: فما سبب الإختلاف الحاصل بينهم? قال شماس: إن أول نزول هذه المعصية بالخلق إنما كان بسبب إبليس الذي كان أشرف ما خلق الله جل اسمه من الملائكة والإنس والجن وكان مطبوعاً على المحبة لا يعرف غيرها فلما انفرد بهذا الأمر داخله العجب والعظمة والتجبر والتكبر عن الإيمان والطاعة لأمر خالقه فجعله الله جل اسمه لا يحب المعصية ورأى آدم ما هو فيه من ذلك الحق والمحبة والطاعة لخالقه داخله الحسد فاستعمل الحيلة في صرفه لآدم عن الحق ليكون مشتركاً معه في الباطل فلزم العقوبة لميله إلى المعصية التي زينها له عدوه وإنقياده إلى هواه.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثالثة عشرة بعد التسعمائة
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 865
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 866
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن شماس قال: فلزم آدم العقوبة لميله إلى المعصية التي زينها له عدوه وإنقياده إلى هواه وحيث خالف وصية ربه بسبب عروض الباطل، ولما علم الخالق جل ثناؤه وتفسدت أسماه ضعف الإنسان وسرعة ميله إلى عدوه وتركه الحق جعل له الخالق برحمته التوبة لينهض بها من ورطة الميل إلى المعصية ويحمل سلاح التوبة فيقهر به عدوه إبليس وجنوده ويرجع إلى الحق الذي هو مطبوع عليه.فلما نظر إبليس أن الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه قد حول ممتداً بارداً إلى الإنسان بالمحاربة وأدخل عليه الحيل ليخرجه من نعمة ربه ويجعله شريكاً له في السخط الذي استوجبه هو وجنوده فجعل الله جل ثناؤه للإنسان استطاعة للتوبة وأمره أن يلزم الحق ويداوم عليه ونهاه عن المعصية والخلاف والهمه أن له على الأرض عدواً محارباً لا يفتر عنه ليلاً ولا نهاراً، فبذلك استحق الإنسان ثواباً أن لازم الحق جبلت طبيعته وعقاباً أن غلبته نفسه ومالت به الشهوات.فقال له الغلام: بعد ذلك أخبرني بأي قوةٍ استطاع الخلق أن يخالفوا خالقهم وهو في غاية العظمة كما وصفت مع أنه لا يقهره شيءٌ ولا يخرج عن إرادته، ألا ترى أنه قادر على صرف خلقه عن هذه المعصية وإلزامهم المحبة دائماً. قال شماس: إن الله تعالى جل اسمه عادلٌ منصفٌ رؤوفٌ بأهل محبته قد بين لهم طريق الخير ومنحهم الإستطاعة والقدرة على فعل ما أرادوا من الخير فأن عملوا بخلاف ذلك صاروا في الهلاك والمعصية. قال الغلام: إذا كان الخالق هو الذي منحهم الإستطاعة وهم بسببها قادرون على فعل ما أرادوا فلاي شيءٍ لم يحل بينهم وبين ما يريدون من الباطل حتى يردهم إلى الحق?.قال شماس: قد خلق كل شيء ولم يرض إلا ما يحب. قال الغلام: ما بال هذين الشيئين أحدهما يرضي الله ويوجب الثواب لصاحبه والأخر يغضب الله فيحل العذاب بصاحبه? قال شماس بين هذين الأمرين وأفهمنهما حتى أتكلم في شأنهما. قال الغلام هما الخير والشر المركبان في الجسم والروح.قال شماس: أيها العاقل أراك قد علمت أن الخير والشر من الأعمال التي يعملها الجسد والروح فسمي الخير منها خيراً لكونه فيه رضا الله وسمي الشر شراً لكونه سخط الله وقد وجب عليك أن تعرف الله وترضيه بفعل الخير لأنه أمرنا بذلك ونهانا عن فعل الشر.قال الغلام: إني أرى هذين الشيئين أعني الخير والشر إنما يعملهما الحواس الخمسة المعروفة في جسد الإنسان وهي محل الذوق الناشيء عنه الكلام والسمع والبصر والشم واللمس، فأحب أن تعرفني هل هذه الحواس الخمس خلقت للخير جميعاً أم للشر? قال شماس: افهم أيها الإنسان بيان ما سألت عنه وهو الحجة الواضحة وضعها في ذهنك وأشر بها قلبك وهو أن الخالق تبارك وتعالى خلق الإنسان بالحق وطبعه على حبه ولم يصدر عنه مخلوق إلا بالقدرة العلية المؤثرة في كل حادث ولا ينسب تعالى وتبارك إلا إلى الحكم بالعدل والإنصاف والإحسان وقد خلق الإنسان لمحبته وركب فيه النفس المطبوعة على الميل إلى الشهوات وجعل له الاستطاعة وجعل هذه الحواس الخمس سبباً للنعيم أو للجحيم.قال الغلام: وكيف ذلك? قال شماس: لأنه خلق الإنسان للتعلق واليدين للعمل والرجلين للمشي والبصر للنظر والأذنين للسمع وقد أعطى كل واحدة من هذه الحواس استطاعة وهيجها على العمل والحركة وأمر كل واحد منها أن لا تعمل إلا برضاه والذي يرضاه من النطق الصدق وترك ما هو ضده الذي هو الكذب ومما يرضيه من البصر صرف النظر إلى ما يحبه الله وترك ضده وهو صرف النظر إلى ما يكرهه الله كالنظر إلى الشهوات ومما يرضيه من السمع أن لا يسمع إلا إلى الحق كالموعظة ما في كتب الله وترك ضده وهو أن يسمع ما يوجب سخط الله ومما يرضيه من اليدين أن لا يقدر ما حولهما الله بل يصرفاه على وجه يرضيه وترك ضده وهو الإمساك أو صرف ما حولهما الله في معصية.ومما يرضيه من الرجلين أن يكون سعيهما في الخير كقصد التعليم وترك ضده وهو أن يمشيا في سبيل الله وما سوى ذلك من الشهوات التي يعملها الإنسان فإنه يصدر من الجسد بأمر الروح. ثم الشهوة التي تصدر من الجسد نوعان شهوة التناسل وشهوة البطن، فالذي يرضي الله من شهوة التناسل أنها لا تكون إلا حلالاً وسخطه أن تكون حراماً.
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 866
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 867
وأما شهوة البطن فالأكل والشرب، والذي يرضي الله من ذلك أن لا يتعاطى منه كل واحد إلا ما أحله له قليلاً كان أو كثيراً ويحمد الله ويشكره والذي يغضب الله منه أن يتناول ما ليس له بحق وما سوى ذلك من هذه الأحكام باطل، وقد علمت أن الله خلق كل شيءٍ ولا يرضى إلا الخير وأمر كل عضو من أعضاء الجسد أن يفعل ما أوجبه عليه لأنه هو العليم الحكيم.قال الغلام: فأخبرني هل سبق في علم الله جلت قدرته أن آدم يأكل من الشجرة التي نهاه الله عنها حتى كان من أمره ما كان وبذلك خرج من الطاعة إلى المعصية.قال شماس: نعم أيها العالم قد سبق ذلك في علم الله تعالى قبل أن يخلق آدم وبيان ذلك ودليله ما تقدم له من التحذير عن الأكل وإعلامه أنه إذا أكل منها يكون عاصياً وذلك من طريق العدل والإنصاف لئلا يكون لآدم حجة يحتج بها على ربه فلما أن سقط في الورطة والهفوة وعظمت عليه المعيرة والمعتبة جرى ذلك في نسله من بعده فبعث الله تعالى الأنبياء والرسل وأعطاهم كتباً فأعلمونا بالشرائع وبينوا لنا ما فيها من المواعظ والأحكام وفصلوه لنا وأوضحوا لنا السبيل الموصل وبينوا لنا ما يجب أن نفعله وما يجب أن نتركه فنحن مسلطون بالإستطاعة.فمن عمل بهذه الحدود فقد أصاب وربح ومن تعدى هذه الحدود وعمل بغير هذه الوصايا فقد خالف وخسر في الدارين وهذه سبيل الخير والشر فقد علمت أن الله قادر على جميع الأشياء وما خلق الشهوات لنا إلا برضاه وإرادته وأمرنا أن نأخذها على وجه الحلال لتكون لنا خيراً وإذا استعملناها على وجه الحرام فأنها تكون لنا شراً فما أصابنا من حسية فمن الله تعالى وما أصابنا من سيئة فمن أنفسنا معاشر المخلوقين لا من الخالق تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الرابعة عشرة بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الغلام ابن الملك جليعاد لما سأل الوزير شماساً عن هذه المسائل ورد له أجوبتها قال له ما وصفته لي مما ينسب إلى الله تعالى ومما ينسب إلى خلقه فقد فهمته فأخبرني عن هذا الأمر الذي حير علي فرط التعجب منه فأني عجبت من ولد آدم وغفلتهم عن الآخرة وتركهم الذكرى لها ومحبتهم للدنيا وقد علموا أنهم يتركونها ويخرجون منها وهم صاغرون.قال شماس نعم فأن الذي تراه من تغيرها وغدرها بأهلها دليل على أنه لا يدوم لصاحب النعيم نعيمه ولا لصاحب البلاء بلاؤه فليس يأمن لصاحبها تغيرها وإن كان قادراً عليها ومغبتطاً بها فلا بد أن يتغير حاله ويسرع إليه الإنتقال وليس الإنسان منها على ثقة ولا ينتفع بما هو من زخرفها وحيث عرفنا ذلك عرفنا أن أسوأ الناس حالاً من أعتز بها وسهى عن الآخرة وأن ذلك النعيم الذي قد أصابه، لا يعادل ذلك الخوف والمشقة والأهوال التي تحصل له بعد الإنتقال منها وعلمنا أنه لو كان العبد يعلم ما يصيبه عند حضور الموت وفراقه ما هو فيه من اللذات والنعيم لرفض الدنيا وما فيها وتيقنا أن الآخرة خير لنا وأنفع.قال الغلام أيها العالم قد زالت هذه الظلمة التي كانت على قلبي بمصباحك المضيء وأرشدتني إلى السبيل التي سلكتها من أتباع الحق وأعطيتني سراجاً أنظر به فعند ذلك قام أحد الحكماء الذين كانوا بالحضرة وقال أنه إذا كان زمان الربيع فلا بد أن يطلب الأرنب مع الفيل مرعى وقد سمعت منكما من المسائل والتفاسير ما لم أرني أسمعه أبدا فدعاني ذلك إلى أن أسألكما فأخبراني ما خير مواهب الدنيا قال الغلام: صحة الجسم ورزقٌ حلال وولدٌ صالح قال فأخبراني ما الكبير فهو ما صبر له أصغر منه وأما الصغير فهو ما صبر لأكبر منه قال فأخبراني ما الأربعة أشياء التي تجتمع الخلائق فيها قال الغلام: تجتمع الخلائق في الطعام والشراب ولذة النور وشهوة النساء وفي سكرات الموت قال فما الثلاثة أشياء لا يقدر أحد على تنحية القباحة عنها?.قال الغلام: الحماقة وخسة الطبع والكذب قال: فأي الكذب أحسن مع أنه كله قبيح? قال الغلام: الكذب الذي يضع عن صاحبه الضرر ويجر النفع قال: وأي الصدق قبيح وأن كان كله حسناً? قال الغلام: كان الإنسان بما عنده وإعجابه به، قال: وما أقبح القبيح? قال الغلام: إذا أعجب الإنسان بما ليس عنده، قال: فأي الرجال أحمق? قال الغلام: من كان ليس له همة إلا في شيءٍ يضعه في بطنه.
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 867
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 868
قال شماس: أيها الملك أنت ملكنا ولكن نحب أن تعهد لولدك بالملك من بعدك ونحن الخول والرعية فعند ذلك حث الملك من حضر من العلماء والناس على أن ما سمعوه منه يحفظونه ويعملون به وأمرهم أن يمتثلوا أمر ابنه فإنه جعله ولي عهده من بعده ليكون خليفة على ملك والده وأخذ العهد على جميع أهل مملكته من العلماء والشجعان والشيوخ والصبيان وبقية الناس أن لا يتخلوا عليه ولا ينكثوا عليه أمره، فلما أتى على ابن الملك سبع عشر سنة مرض الملك مرضاً شديداً حتى أشرف على الموت فلما أيقن الملك أن الملك قد نزل به قال لأهله: هذا داء الموت قد نزل بي فادعوا إلي أقاربي وولدي وأجمعوا إلي أهل مملكتي حتى لا يبقى منهم أحدٌ إلا ويحضر فخرجوا ونادوا الناس القريبين وجهزوا بالنداء للناس البعيدين حتى حضروا جميعهم ودخلوا على الملك، ثم قالوا له: كيف أنت أيها الملك وكيف ترى نفسك من مرضك هذا? قال لهم الملك: إن مرضي هذا هو القاضي وقد نفذ السهم بما قدره الله تعالى علي وأنا الآن في آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، ثم قال لابنه: ادن مني فدنا منه الغلام وهو يبكي بكاءً شديداً حتى كاد أن يبل فراشه والملك قد دمعت عيناه وبكى كل من حضر ثم قال الملك لولده: لا تبك يا ابني فأني لست بأول من جرى له هذا الأمر المحتوم لأنه جار على جميع ما خلقه الله فاتق الله وأعمل خيراً يسبقك إلى الموضع الذي تقصده جميع الخلائق ولا تطع الهوى واشغل نفسك بذكر الله في قيامك وقعودك ويقظتك ونومك واجعل الحق نصب عينيك وهذا آخر كلامي معك والسلام.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثالثة عشرة بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك جليعاد لما أوصى ولده بهذه الوصية وعهد له الملك من بعده قال الغلام لأبيه: قد علمت يا أبي أني لم أزل لك مطيعاً ولوصيتك حافظاً ولأمرك منفذاً ولرضاك طالباً وأنت لي نعم الأب فكيف أخرج بعد موتك عما ترضى به وأنت بعد حسن تربيتي مفارق ولا أقدر على ردك وعلى هذا حفظت وصيتك وصرت بها سعيداً وصار لي النصيب الأكبر.فقال له الملك وهو في غاية الإستغراق من سكرات الموت: يا ابني إلزم عشر خصالٍ ينفعك الله بهن في الدنيا والآخر وهن: إذا اغتظت فاكظم غيظك وإذا بليت فاصبر وإذا نطقت فاصدق وإذا وعدت فأوف وإذا حكمت فأعدل وإذا قدرت فاعطف واكر قوادك وأصفح عن أعدائك وأبذل معروفك لعدوك وكف أذاك عنه. وإلزم أيضاً عشر خصال أخرى ينفك الله بها في أهل مملكتك وهن: إذا قسمت فأعدل وإذا عاقبت بحق فلا تجر وإذا عاهدت فأوف بعهدك وأقبل النصح وأترك اللاجاجة وإلزم الرعية بالإستقامة على الشرائع والسنن الحميدة وكن حاكماً عادلاً بين الناس حتى يحبك كبيرهم وصغيرهم ويخافك غاتيهم ومفسدهم.ثم قال للحاضرين العلماء والأمراء الذين كانوا حاضرين عهده لولده بالملك من بعده: إياكم ومخالفة أمر ملككم وترك الإستماع لكثيركم فإن في ذلك هلاكاً لأرضكم وتفريقاً لجمعكم وضرراً لأبدانكم وتلفاً لأموالكم فتشمت بكم أعداؤكم وها أنتم علمتم ما عاهدتموني عليه فهكذا يكون عهدكم مع هذا الغلام والميثاق الذي بيني وبينكم وبينه وعليكم بالسمع والطاعة لأمره لأن في ذلك صلاح أحوالكم واثبتوا معه على ما كنتم معي فستقيم أموركم ويحسن حالكم وها هو ذا ملككم وولي نعمتكم والسلام.ثم بعد هذا اشتدت به سكرات الموت والتجم لسانه فضم إليه ابنه وقبله وشكر الله ثم قضى نحبه وطلعت روحه فناح عليه جميع رعيته وأهل مملكته ثم أنهم كفنوه ودفنوه بإكرامٍ وتبجيلٍ وإعظامٍ.
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 868
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 869
ثم رجعوا والغلام معهم فألبسوه حلة الملك وتوجوه بتاج والده وألبسوه الخاتم في إصبعه وأجلسوه على سرير الملك فسار الغلام فيهم بسير أبيه من الحكم والعدل والإحسان مدةً يسيرةً ثم تعرضت له الدنيا وجذبته بشهواتها فاستغنم لذاتها وأقبل على زخارف أمورها وترك ما كان قلده به أبوه من المواثيق ونبذ الطاعة لوالده وأهمل مملكته ومشى فيما هو هلاكه واشتد به حب النساء فسار لا يسمع بامرأةٍ حسناء إلا ويرسل إليها ويتزوج بها فجمع من النساء عددٌ أكثر مما جمع سليمان بن دواد ملك بني إسرائيل وصار يختلي كل يومٍ بطائفةٍ منهن ويستمر مع من يختلي بهن شهراً كاملاً لا يخرج من عندهن ولا يسأل عن ملكه ولا عن حكمه ولا ينظر في مظلمة من يشكوا إليه من رعيته وإذا كاتبوه فلا يرد لهم جواباً.فلما رأوا منه ذلك وعاينوا ما هو منطوٍ عليه من ترك النظر في أمورهم وإهماله لأمور دولته وأمور رعيته تحققوا أنهم عن قليلٍ يحل بهم البلاء فشق ذلك عليهم وأقبل بعضهم على بعضٍ يتلاومون فقال بعضهم لبعضٍ: امشوا بنا إلى شماسٍ كبيرٍ وزرائه نقص عليه أمرنا ونعرفه ما يكون من أمر هذا الملك لينصحه وإلا فعن قليل يحل بنا البلاء فإن هذا الملك قد أدهشته الدنيا بلذاتها وختنته بأشطانها.فقاموا وأتوا شماساً وقالوا له: أيها العالم الحكيم أن هذا الملك قد أدهشته الدنيا بلذاتها وختنته بأشطانها فأقبل على الباطل وسعى في فساد مملكته تفسد العامة ويصير أمرنا إلى الهلاك وسببه أننا نمكث شهراً كاملاً وأياماً ما نراه ولا يبرز إلينا من عنده أمن لا للوزير ولا لغيره ولا يمكن أن ترفع إليه حاجةً ولا ينظر في حكومةٍ ولا يتعهد حال أحدٍ من رعيته لغفلته عنهم وأننا قد أتينا إليك لنخبرك بحقيقة الأمور ولأنك أكبرنا وأكمل منا وليس ينبغي أن يكون بلاءٍ في أرضٍ أنت مقيمٍ بها لأنك أقدر الناس على إصلاح هذا الملك فانطلق وكلمه لعله يقبل كلامك ويرجع إلى الله.فقام شماس ومضى إلى حيث اجتمع بمن يمكنه الوصول إليه وقال له: أيها الولد الجيد أسألك أن تستأذن لي في الدخول للملك لأن عندي أمرٌ أريد أنظر وجهه وأخبره به وأسمع ما يجيبني به عنه، فأجاب الغلام قائلاً: والله يا سيدي منذ شهر لم يأذن لأحد في الدخول عليه ولا أنا فطول هذه المدة ما رأيت له وجهاً ولكن أدلك على من يستأذنه لك وهو أنك تتعلق بالوصيف الفلان الذي يقوم على رأسه ويأخذ له الطعام من المطبخ فإذا خرج إلى المطبخ ليأخذ الطعام اسأله عما بدا لك فأنه يفعل لك ما تريده.فانطلق شماس إلى باب المطبخ وجلس قليلاً وإذا بالرصيف أقبل وأراد الدخول إلى المطبخ فكلمه شماس قائلاً له: يا بني أحب أن اجتمع بالملك لأخبره بكلام يخصه فمن فضلك إذا فرغ من غدائه وطابت نفسه أن تكلمه لي وتأخذ لي منه إذناً بالدخول عليه لكي أكلمه بما يليق به فقال الوصيف سمعاً وطاعةً فلما أخذ الوصيف الطعام وتوجه إلى الملك وأكل منه وطابت نفسه قال له الوصيف: إن شماساً واقفاً بالباب يريد منك الإذن في الدخول عليك ليعلمك بأمور تختص بك ففزع الملك وارتاب من ذلك وأمر الوصيف بإدخاله عليه.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الرابعة عشرة بعد التسعمائة
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 869
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 870
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك لما أمر الوصيف بإدخال شماس عليه خرج الوصيف إلى شماس ودعاه إلى الدخول فلما دخل على الملك خر لله ساجداً وقبل يد الملك ودعا له فقال الملك: ما أصابك يا شماس حتى طلبت الدخول علي? فقال له: إن لي مدة لم أر وجه سيدي الملك وقد اشتقت إليك كثيراً فها أنا شاهدت أطلعتك وجئت إليك بكلامٍ أذكره لك أيها الملك المؤيد بكل نعمةٍ فقال له: قل ما بدا لك، فقال شماس: اعلم أيها الملك إن الله تعالى رزقك من العلم والحكمة على حداثة سنك من لم يرزقه أحداً من الملوك قبلك وأن الله تمم لك ذلك بالملك وإن الله يحب أنك لا تخرج عما حولك إلى غيره سبب عصيانك فلا تحاربه بذخائرك بل ينبغي أن تكون لوصاياه حافظاً ولأموره جائعاً لأني قد رأيتك منذ أيام قلائل نسيت أباك ووصيته ورفضت عهده وأضعت نصيحته وكلامه وزهدت في عدله وأحكامه ولم تذكر نعمة الله عليك ولم تعيذها بشكره قال الملك: وكيف ذلك وما سببه? قال شماس: إنك تركت تعهد أمور مملكتك وما قلدك إياه الله من أمور رعيتك وأقبلت على النفس فما حسنته لك من قليل شهوات الدنيا وقد قيل: أن إصلاح الملك والدين والرعية مما ينبغي للملك أن يحافظ عليه والرأي عندي أن تحسن النظر في عاقبتك فإنك تجد السبيل الواضح الذي فيه النجاة ولا تقبل على اللذة القليلة الفانية الموصلة إلى ورطة الهلاك فيصيبك ما أصاب صياد السمك فقال له الملك: وكيف كان ذلك? قال شماس: قد بلغني أن صياداً قد أتى إلى نهرٍ ليصطاد منه على عادته فلما وصل إلى النهر ومشى على الجسر أبصر سمكةً عظيمةً فقال في نفسه: ليس لي حاجة بالمقام تهنا فأنا أمشي وأتبع هذه السمكة إلى حيث تذهب حتى آخذها وهي تغنني عن الصيد مدة أيامٍ فتعرى من ثيابه ونزل خلف السمكة وأخذها جريان الماء إلى أن ظفر بالسمكة وقبض عليها ثم التفت فوجد نفسه بعيداً عن الشاطئ، فلما رأى ما قد صنع به جريان الماء لم يترك السمكة ويرجع بل خاطر بنفسه وقبض عليها بيديه وترك جسده سابحاً مع جريان الماء، فما زال يسحبه الماء إلى أن رماه في وسط دوامةٍ لا يدخلها أحدٌ ويخلص منها فصار يصيح ويقول: أنقذوا الغريق فأتاه ناسٌ من المحافظين على البحر وقالوا له: ما شأنك وما دهاك حتى ألقيت بنفسك في هذا الخطر العظيم? فقال لهم: أنا الذي تركت السبيل الواضح الذي فيه النجاة وأقبلت على الهوى والتهلكة، فقالوا: يا هذا كيف تركت سبيل النجاة وأدخلت نفسك في هذه التهلكة وأنت تعرف من قديمٍ أنه ما دخل تهنا أحدٌ وسلم فما الذي منعك عن رمي ما في يدك ونجاة نفسك فكنت تنقذ روحك ولا تقع في هذا الهلاك الذي لا نجاة منه فلأن ليس أحدٌ منا ينقذك من هذه التهلكة فقطع الرجل الرجاء من حياته وفقد ما كان بيده مما حملته نفسه عليه وهلك هلاكاً عظيماً وما ضربت لك أيها الملك هذا المثل إلا لأجل أن تدع هذا الأمر الحقير الذي فيه اللهو عن مصالحك وتنظر فيما أنت متقلدٌ به من سياسة رعيتك والقيام بنظام ملكك حتى لا يرى أحدٌ فيك عيباً.قال الملك: فما الذي تأمرني به? قال شماس: إذا كان في غدٍ وأنت بخيرٍ وعافية ائذن للناس في الدخول عليك وأنظر في أحوالهم وأعتذر إليهم ثم عدهم من نفسك بالخير وحسن السيرة، فقال الملك: يا شماس أنك تكلمت بالصواب وأني فاعل ما نصحتني به في غد إن شاء الله تعالى. فخرج شماس من عنده وأعلم الناس بكل ما ذكره له.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق