السبت، 6 فبراير 2010

144


فلما سمعت جلنار كلام أمها حزنت على ولدها حزناً شديداً واشتد غضبها على أخيها صالح لكونه أخذ ولدها ونزل به البحر من غير إذنها ثم إنها قالت: يا أمي إني خائفة على الملك الذي لنا لأني أتيتكم، وما أعلمت أحداً من أهل المملكة وأخشى إن أبطأت عليهم أن يفسد الملك علينا وتخرج المملكة من أيدينا والرأي السيديد أني أرجعو وأسوس المملكة إلى أن يدبر الله لنا أمر، ولا تنسوا ولدي ولا تتهاونوا في أمره فإنه أن حصل له ضرر هلكت لا محالة لأني لا أرى الدنيا إلا به ولا ألتذ إلا بحياته، فقالت: حباً وكرامة يا بنتي لا تسألي عن ما عندنا من فراقه وغيبته ثم إن أمها أرسلت من يفتش عليه، ورجعت أمه حزينة القلب باكية العين إلى المملكة وقد ضاقت بها الدنيا.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الرابعة بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملكة جلنار لما رجعت من عند أمها إلى مملكتها ضاق صدرها واشتد فكرها. هذا ما كان من أمرها، وأما ما كان من أمر الملك بدر باسم فإنه لما سحرته الملكة جوهرة وأرسلته مع جاريتها إلى الجزيرة المعطشة وقالت لها: دعيه فيها يموت عطشاً، لم تضعه الجارية إلا في جزيرة خضراء مثمرة ذات أشجار وأنهار فصار يأكل من الثمار ويشرب من الأنهار، ولم يزل كذلك مدة أيام وليال وهو في صورة طائر لا يعرف أين يتوجه ولا كيف يطير، فبينما هو ذات يوم من الأيام في تلك الجزيرة إذ أتى إلى هناك صياد من الصيادين ليصطاد شيئاً يتقوت به، فرأى الملك بدر باسم وهو في صورة طائر أبيض الريش أحمر المنقار والرجلين يسبي الناظر ويدهش الخاطر فنظر إليه الصياد فأعجبه وقال في نفسه إن هذا الطائر مليح وما رأيت طائراً مثله في حسنه ولا في شكله ثم إنه رمى الشبكة عليه واصطاده ودخل به المدينة وقال في نفسه: والله العظيم لا أبيعه، ثم إن الصياد ذهب به إلى دار الملك.فلما رآه الملك أعجبه حسنه وجماله وحمرة منقاره ورجليه فأرسل إليه خادماً ليشتريه منه، فأتى الخادم إلى الصياد وقال له: أتبيع هذا الطائر? قال: لا، بل هو للملك هدية مني إليه، فأخذه الخادم وتوجه به إلى الملك وأخبره بما قاله، فأخذه الملك وأعطى الصياد عشرة دنانير، فأخذها وقبل الأرض وانصرف وأتى الخادم بالطائر إلى قصر الملك ووضعه في قفص مليح وعلقه وحط عنده ما يأكل وما يشرب، فلما نزل الملك قال للخادم: أين الطائر? أحضره حتى أنظره والله إنه مليح فأتى به الخادم ووضعه بين يدي الملك وقد رأى الأكل عنده لم يأكل منه شيئاً. فقال الملك: والله ما أدري ما يأكل حتى أطعمه ثم أمر بإحضار الطعام فأحضرت الموائد بين يديه فأكل الملك من ذلك، فلما نظر الطير إلى اللحم والطعام والحلويات والفواكه أكل من جميع ما في السماط الذي قدام الملك فبهت له الملك وتعجب من أكله وكذلك الحاضرون ثم قال الملك لمن حوله من الخدام والمماليك: عمري ما رأيت طيراً يأكل مثل هذا الطير ثم أمر الملك أن تحضر زوجته لتتفرج عليه فمضى الخادم ليحضرها، فلما رآها قال لها يا سيدتي إن الملك يطلبك لأجل أن تتفرجي على هذا الطير الذي اشتراه، فإننا لما أحضرنا الطعام طار من القفص وسقط على المائدة وأكل من جميع ما فيها، فقومي يا سيدتي تفرجي عليه فإنه مليح المنظر وهو أعجوبة من أعاجيب الزمان، فلما سمعت كلام الخادم أتت بسرعة، فلما نظرت إلى الطير وتحققته غطت وجهها وولت راجعة، فقام الملك وراءها وقال لها: لأي شيء غطيت وجهك وما عندك غير الجواري والخدم الذين في خدمتك وزوجك? فقالت: أيها الملك إن هذا الطير ليس بطائر وإنما هو رجل مثلك، فلما سمع الملك كلام زوجته، قال لها: تكذبين ما أكثر ما تمزحين كيف يكون غير طائر? فقالت له: والله ما مزحت معك ولا قلت إلا حقاً إن هذا الطير هو الملك بدر باسم ابن الملك شهرمان صاحب بلاد العجم وأمه الملكة جلنار البحرية.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الخامسة بعد السبعمائة






ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 695





Haut du formulaire
Bas du formulaire
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 696

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن زوجة الملك لما قالت للملك: إن هذا ليس بطائر، وإنما هو رجل مثلك وهو الملك بدر باسم ابن الملك شهرمان وأمه جلنار البحرية قال لها: وكيف صار على هذا الشكل? قالت له: إنه قد سحرته الملكة جوهرة بنت الملك السمندل ثم حدثته بما جرى له من أوله إلى آخره وأنه قد خطب جوهرة من أبيها فلم يرض أبوها بذلك وأن خاله صالحاً اقتتل هو والملك السمندل وانتصر صالح عليه وأسره، فلما سمع كلام زوجته تعجب غاية العجب وكانت هذه الملكة زوجته أسحر أهل زمانها فقال الملك: بحياتي عليك تحليه من السحر ولا تخليه معذباً قطع الله يد جوهرة ما أقبحها وما أقل دينها وأكثر خداعها ومكرها، قالت له زوجته: قل له يا بدر باسم ادخل هذه الخزانة فأمره الملك أن يدخل الخزانة، فلما سمع كلام الملك دخل الخزانة، فقامت زوجة الملك وسترت وجهها وأخذت في يدها طاسة ماء ودخلت الخزانة وتكلمت على الماء بكلام لا يفهم وقالت له: بحق هذه الأسماء العظام والآيات الكرام، وبحق الله تعالى خالق السماوات والأرض ومحيي الأموات وقاسم الأرزاق والآجال، أن تخرج من هذه الصورة التي أنت فيها وترجع إلى الصورة التي خلقك الله عليها، فلم تتم كلامها حتى انتفض نفضة ورجع إلى صورته فرآه الملك شاباً مليحاً ما على وجه الأرض أحسن منه.ثم إن الملك بدر باسم لما نظر إلى هذه الحالة قال: لا إله إلا الله ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحانه خالق الخلائق ومقدر أرزاقهم وآجالهم ثم إنه قبل يد الملك ودعا له بالبقاء وقبل الملك راس بدر باسم، وقال له: يا بدر باسم حدثني بحديثك من أوله إلى آخره فحدثه بحديثه ولم يكتم منه شيئاً فتعجب الملك من ذلك، ثم قال له: يا بدر باسم قد خلقك الله من السحر فما الذي اقتضاه رأيك وما تريد أن تصنع? قال له: يا ملك الزمان أريد من إحسانك أن تجهز لي مركباً وجماعة من خدامك وجميع ما أحتاج إليه فإن لي زماناً طويلاً وأنا غائب وأخاف أن تروح المملكة مني، وما أظن أن والدتي بالحياة من أجل فراقي والغالب على ظني أنها ماتت من حزنها علي لأنها لا تدري ما جرى لي ولاتعرف هل أنا حي أو ميت وأنا اسألك أيها الملك أن تتم إحسانك بما طلبته منك.فلما نظر الملك إلى حسنه وجماله وفصاحته أجابه وقال له سمعاً وطاعة، ثم إنه جهز مركباً ونقل فيه جميع ما يحتاج إليه، وسير معه جماعة من خدامه فنزل في المركب بعد أن ودع الملك.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السادسة بعد السبعمائة






ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 696





Haut du formulaire
Bas du formulaire
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 697

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك بدر باسم ركب المركب هو وجماعته وودع الملك وساروا في البحر وساعدهم الريح ولم يزالوا سائرين مدة عشرة أيام متوالية، ولما كان اليوم الحادي عشر هاج البحر هيجاناً شديداً وصار المركب يرتفع وينخفض ولم يقدر البحرية أن يمسكوه، ولم يزالوا على هذه الحالة والأمواج تلعب بهم، حتى قربوا إلى صخرة من صخرات البحر فوقعت تلك الصخرة على المركب، فانكسر وغرق جميع ما كان فيه إلا الملك بدر باسم فإنه ركب على لوح من الألواح بعد أن أشرف على الهلاك، ولم يزل ذلك اللوح يجري به في البحر ولا يدري أين هو ذاهب وليس له حيلة في منع اللوح بل سار به مع الماء والريح، ولم يزل كذلك مدة ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع طلع به اللوح على ساحل البحر، فوجد هنالك مدينة بيضاء مثل الحمامة الشديدة البياض وهي مبنية في الجزيرة التي على ساحل البحر، لكنها عالية الأركان مليحة البنيان رفيعة الحيطان البحر يضرب في سوارها، فلما عاين الملك بدر باسم تلك الجزيرة التي فيها هذه المدينة، فرح فرحاً شديداً وكان قد أشرف على الهلاك من الجوع والعطش، فنزل من فوق اللوح وأراد أن يصعد إلى المدينة، فأتت إليه بغال وحمير وخيول عدد الرمل، فصاروا يضربونه ويمنعونه أن يطلع من البحر إلى المدينة، ثم إنه عام خلف تلك المدينة وطلع إلى البر فلم يجد هناك أحداً، فتعجب وقال: يا ترى لمن هذه المدينة وهي ليس لها ملك ولا فيها أحد ومن أين هذه البغال والحمير والخيول التي منعتني من الطلوع، وصار متفكراً في أمره وهو ماش وما يدري أين يذهب ثم بعد ذلك رأى شيخاً بقالاً فلما رآه الملك بدر باسم سلم عليه فرد عليه السلام ونظر إليه الشيخ فرآه جميلاً، فقال له: يا غلام من أين أقبلت ومن أوصلك إلى هذه المدينة? فحدثه بحديثه من أوله إلى آخره، فتعجب منه وقال له: يا ولدي أما رأيت أحداً في طريقك? فقال له: يا والدي إنما أتعجب من هذه المدينة حيث إنها خالية من الناس، فقال له الشيخ: يا ولدي اطلع الدكان وإلا تهلك فطلع بدر باسم وقعد في الدكان، فقام الشيخ وجاء له بشيء من الطعام وقال له: يا ولدي ادخل في داخل الدكان، فسبحان من سلمك من هذه الشيطانة فخاف الملك بدر باسم خوفاً شديداً، ثم أكل من طعام الشيخ حتى اكتفى وغسل يديه، ونظر إلى الشيخ وقال له: يا سيدي ما سبب هذا الكلام فقد خوفتني من هذه المدينة ومن أهلها، فقال له الشيخ: يا ولدي اعلم أن هذه المدينة مدينة السحرة، وبها ملكة ساحرة كأنها شيطانة وهي كاهنة سحارة غدارة، والحيوانات التي تنظرها من الخيل والبغال والحمير هؤلاء كلهم مثلك ومثلي من بني آدم لكنهم غرباء، لأن كل من يدخل هذه المدينة وهو شاب مثلك، تأخذه هذه الكافرة الساحرة وتقعد معه أربعين يوماً وبعد الأربعين، تسحره فيصير بغلاً أو فرساً أو حماراً أو شيئاً من هذه الحيوانات التي نظرتها على جانب البحر.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السابعة بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الشيخ البقال لما حكى للملك بدر باسم وأخبره بحالة الملكة السحارة وقال له: إن كل أهل هذه المدينة قد سحرتهم وأنك لما أردت الطلوع من البحر خافوا أن تسحرك مثلهم فقالوا لك بالإشارة: لا تطلع لئلا تراك الساحرة شفقة عليك فربما تعمل فيك مثل ما عملت فيهم وقال له: إنها قد ملكت هذه المدينة من أهلها بالسحر، واسمها الملكة لاب وتفسيره بالعربي تقويم الشمس.





ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 697





Haut du formulaire
Bas du formulaire
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 698

فلما سمع الملك بدر باسم ذلك الكلام من الشيخ خاف خوفاً شديداً وصار يرتعد مثل القصبة الريحية وقال له: أنا ما صدقت أني خلصت من البلاء الذي كنت فيه من السحر حتى ترميني المقادير في مكان أقبح منه فصار متفكراً في حاله وما جرى له، فلما نظر إليه الشيخ رآه قد اشتد عليه الخوف فقال له: يا ولدي قم واجلس على عتبة الدكان وانظر إلى تلك الخلائق وغلى لباسهم وألوانهم، وما هم فيه من السحر ولا تخف فإن الملكة وكل من في المدينة يحبني ويراعيني ولا يرجفون لي قلباً ولايتعبون لي خاطراً، فلما سمع الملك بدر باسم كلام الشيخ خرج وقعد على باب الدكان يتفرج فجازت عليه الناس فنظر إلى عالم لا يحصى عدده، فلما نظره الناس تقدموا إلى الشيخ وقالوا له: يا شيخ هل هذا أسيرك وصيدك في هذه الأيام? فقال لهم: هذا ابن أخي وسمعت أن أباه قد مات فأرسلت خلفه وأحضرته لأطفئ نار شوقي به، فقالوا له: هذا شاب مليح ولكن نحن نخاف عليه من الملكة لاب لئلا ترجع عليك بالغدر، ثم توجهن وإذا بالملكة قد أقبلت في موكب عظيم ومازالت مقبلة إلى أن وصلت إلى دكان الشيخ فرأت الملك بدر باسم وهو جالس على الدكان كأنه البدر في تمامه فلما رأته الملكة لاب حارت في حسنه وجماله واندهشت وصارت ولهانة به ثم أقبلت على الدكان وجلست عند الملك بدرباسم وقالت للشيخ: من أين لك هذا المليح? فقال: هذا ابن أخي جاءني عن قريب فقالت: دعه يكون الليلة عندي لأتحدث أنا وإياه قال لها: أتأخذينه مني ولا تسحرينه? قالت: نعم قال: احلفي لي فحلفت له أنها لا تؤذيه ولا تسحره ثم أمرت أن يقدموا له فرساً مليحاً مسرجاً ملجماً بلجام من ذهب وكل ما عليه ذهب مرصع بالجواهر ووهبت للشيخ ألف دينار وقالت له: استعن بها، ثم إن الملكة لاب أخذت الملك بدر باسسم وراحت به كأنه البدر في ليلة أربعة عشرة وسار معها وصارت الناس كلما نظروا إليه وإلى حسنه وجماله يتوجعن عليه ويقولون: والله إن هذا الشاب لا يستحق أن تسحره هذه الملعونة والملك بدر باسم يسمع كلام الناس ولكنه ساكت وقد سلم أمره إلى الله تعالى ولم يزالوا سائرين إلى باب القصر.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثامنة بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك بدر باسم لم يزل سائراً هو والملكة لاب وأتباعها إلى أن وصلوا إلى باب القصر ثم ترجل الأمراء والخدم وأكابر الدولة وأمرت الحجاب أن يأمروا أرباب الدولة كلهم بالانصراف فقبلوا الأرض وانصرفوا ودخلت الملكة والخدام والجواري في القصر، فلما نظر الملك بدر باسم إلى القصر رأى قصراً لم ير مثله قط وحيطانه مبنية بالذهب وفي وسط القصر بركة عظيمة غزيرة الماء في بستان عظيم فنظر الملك بدر باسم إلى البستان فرأى فيه طيور تناغي بسائر اللغات والأصوات المفرحة والمحزنة وتلك الطيور من سائر الأشكال والألوان، فنظر الملك بدر باسم إلى ملك عظيم فقال: سبحان الله من كرمه وحلمه يرزق من يعبد غيره فجلست الملكة في شباك يشرف على البستان وهي على سرير من العاج وفوق السرير فرش عال وجلس الملك بدر باسم إلى جانبها فقبلته وضمته إلى صدرها ثم أمرت الجواري بإحضار مائدة فحضرت مائدة من الذهب الأحمر مرصعة بالدر والجواهر فيها من سائر الأطعمة فأكلا حتى اكتفيا وغسلا أيديهما، ثم أحضرت الجواري أواني الذهب والفضة والبلور وأحضرت أيضاً جميع أجناس الأزهار وأطباق النقل، ثم إنها أمرت بإحضار مغنيات فحضر عشر جوار كأنهن الأقمار بأيديهن سائر آلات الملاهي ثم إن الملكة ملأت قدحاً وشربته وملأت آخر وناولت الملك بدر باسم إياه، فأخذه وشربه ولم يزالا كذلك يشربان حتى اكتفيا ثم أمرت بالجواري أن يغنين فغنين بسائر اللحان وتخيل للملك بدر باسم أنه يرقص به القصر طرباً فطاش عقله وانشرح صدره ونسي الغربة وقال: إن هذه الملكة شابة مليحة ما بقيت أروح من عندها أبداً لأن ملكها أوسع من ملكي وهي أحسن من الملكة جوهرة ولم يزل يشرب معها إلى أن أمسى المساء وأوقدوا القناديل والشموع وأطلقوا البخور ولم يزالا يشربان إلى أن سكرا والمغنيات يغنين، فلما سكرت الملكة لاب قامت من موضعها ونامت على سرير وأمرت الجواري بالانصراف، ثم أمرت الملك بدر باسم النوم إلى جانبها فنام معها في أطيب عيش إلى أن أصبح الصباح.





ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 698





Haut du formulaire
Bas du formulaire
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 699

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة التاسع بعد السبعمائة
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملكة لما قامت من النوم دخلت الحمام الذي في القصر والملك بدر باسم صحبتها واغتسلا فلما خرجا من الحمام أفرغت عليه أجمل القماش وأمرت بإحضار آلات الشراب فأحضرتها الجواري فشربا ثم إن الملكة قامت وأخذت بيد الملك بدر باسم وجلسا على الكرسي وأمرت بإحضار الطعام فأكلا وغسلا أيديهما، ثم قدمت الجواري لهما أواني الشراب والفواكه والأزهار والنقل ولم يزالا يأكلان ويشربان والجواري تغني باختلاف الألحان إلى المساء ولم يزالا في أكل وشرب وطرب مدة أربعين يوماً ثم قالت له: يا بدر باسم هل هذا المكان أطيب أو دكان عمك البقال? قال لها: والله يا ملكة هذا أطيب وذلك أن عمي رجل صعلوك يبيع البقول، فضحكت من كلامه، ثم إنهما رقدا في أطيب حال إلى الصباح فانتبه الملك بدر باسم من نومه فلم يجد الملكة لاب بجانبه فقال: يا ترى أين راحت? وصار مستوحشاً من غيبتها ومتحيراً في أمره وقد غابت عنه مدة طويلة ولم ترجع فقال في نفسه: أين ذهبت ثم إنه لبس ثيابه وصار يفتش عليها فلم يجدها فقال في نفسه: لعلها ذهبت إلى البستان فرأى فيه نهراً جارياً وبجانبه طيرة بيضاء وعلى شاطئ ذلك النهر شجرة وفوقها طيور مختلفة الألوان فصار ينظر إلى الطيور والطيور لا تراه وإذا بطائر أسود نزل على تلك الطيرة البيضاء فصار يزقها زق الحمام ثم إن الطير الأسود وثب على تلك الطيرة ثلاث مرات، ثم بعد ساعة انقلبت تلك الطيرة في صورة بشر فتأملها وإذا هي الملكة لاب فعلم أن الطائر الأسود إنسان مسحور وهي تعشقه وتسحر نفسها طيرة ليجامعها فأخذته الغيرة واغتاظ على الملكة لاب من أجل الطائر السود ثم إنه رجع إلى مكانه ونام على فراشه وبعد ساعة رجعت إليه وصارت الملكة لاب تقبله وتمزح معه وهو شديد الغيظ عليها فلم يكلمها كلمة واحدة فعلمت ما به وتحققت أنه رآها حين صارت طيرة وكيف واقعها ذلك الطير فلم تظهر له شيئاً بل كتمت ما بها.فلما قضى حاجته قال لها: يا ملكة أريد أن تأذني لي في الرواح إلى دكان عمي فإني قد تشوقت إليه ولي أربعون يوماً ما رأيته فقالت له: رح إليه ولا تبطئ علي فإني ما أقدر أن أفارقك ولا أصبر عنك ساعة واحدة فقال سمعاً وطاعة، ثم إنه ركب ومضى إلى دكان الشيخ البقال فرحب به وقام إليه وعانقه وقال له: كيف أنت مع هذه الكافرة? فقال له: كنت طيباً في خير وعافية إلا أنها كانت في هذه الليلة نائمة في جانبي فاستيقظت فلم أرها فلبست ثيابي ودرت أفتش عليها إلى أن أتيت إلى البستان وأخبره بما رآه من النهر والطيور التي كانت فوق الشجرة، فلما سمع الشيخ كلامه قال له: احذر منها واعلم أن الطيور التي كانت على الشجرة كلها شبان غرباء عشقتهم وسحرتهم طيوراً وذلك الطائر الأسود الذي رأيته كان من جملة مماليكها وكانت تحبه محبة عظيمة، فمد عينه إلى بعض الجواري فسحرته في صورة طائر أسود.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة العاشرة بعد السبعمائة






ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 699





Haut du formulaire
Bas du formulaire
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 700

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن بدر باسم لما حكى للشيخ البقال بجميع حكايات الملكة لاب رآه أعلمه الشيخ أن الطيور التي على الشجر كلها شبان غرباء وسحرتهم وكذلك الطير الأسود كان من مماليكها وسحرته في صورة طائر اسود، وكلما اشتاقت إليه تسحر نفسها طيرة ليجامعها لأنها تحبه محبة عظيمة، ولما علمت أنك علمت بحالها أضمرت لك السوء ولا تصفو لك ولكن ما عليك بأس منها ما دمت أراعيك أنا فلا تخف فإني رجل مسلم واسمي عبد الله وما في زماني أسحر مني، ولكني لا أستعمل السحر إلا عند اضطراري إليه، وكثير ما أبطل سحر هذه الملعونة وأخلص الناس منها ولا أبالي بها لأنها ليس لها علي سبيل بل هي تخاف مني خوفاً شديداً، وكذلك كل من كان في المدينة ساحر مثلها على هذا الشكل يخافون مني وكلهم على دينها يعبدون النار دون الملك الجبار فإذا كان الغد تعال عندي واعلمني بما تعمله معك فإنها في هذه الليلة تسعى في هلاكك. وأنا أقول لك على ما تفعله معها حتى تتخلص من كيدها، ثم إن الملك بدر باسم ودع الشيخ ورجع إليها فوجدها جالسة في انتظاره فلما رأته قامت إليه وأجلسته ورحبت به وجاءت له بأكل وشرب فأكلا حتى اكتفيا ثم غسلا أيديهما ثم أمرت بإحضار الشراب فحضر وصارا يشربان إلى نصف الليل ثم مالت عليه بالأقداح وصارت تعاطيه حتى سكر وغاب عن حسه وعقله فلما رأته كذلك قالت له: بالله عليك وبحق معبودك إن سألتك عن شيء هل تخبرني عنه بالصدق وتجيبني إلى قولي? فقال لها: وهو في حالة السكر: نعم يا سيدتي. فقالت له: لما استيقظت من نومك ولم ترني وفتشت علي وجئتني في البستان ورأيت الطائر الأسود الذي وثب علي، فأنا أخبرك بحقيقة هذا الطائر إنه كان من مماليكي وكنت أحبه محبة عظيمة فتطلع يوماً لجارية من الجواري، فحصلت لي غيرة وسحرته في صورة طائر أسود وأما الجارية فإني قتلتها، وإني إلى اليوم لا أصبر عنه ساعة واحدة وكلما اشتقت إليه أسحر نفسي طيره وأروح إليه لينط علي ويتمكن مني كما رأيت أما أنت لأجل هذا مغتاظ مني مع أني وحق النار والنور والظل والحرور قد زدت فيك محبة وجعلتك نصيبي من الدنيا، فقال وهو سكران: إن الذي فهمته من غيظي بسبب ذلك صحيح، وليس لغيظي سبب غير ذلك فضمته وقبلته وأظهرت له المحبة ونامت ونام الآخر بجانبها فلما كان نصف الليل قامت من الفراش والملك بدر باسم منتبه، وهو يظهر أنه نائم وصار يسارق النظر وينظر ما تفعل، فوجدها قد أخرجت من كيس أحمر شيئاً أحمر وغرسته في وسط القصر فإذا هو صار نهارً يجري مثل البحر، وأخذت كبشة شعير بيدها وأبذرتها فوق التراب، وسقته من هذا الماء فصار زرعاً مسنبلاً فأخذته وطحنته دقيقاً ثم وضعته في موضع ورجعت نامت عند الملك بدر باسم إلى الصباح.فلما أصبح الصباح قام الملك بدر باسم وغسل وجهه ثم استأذن من الملكة في الرواح إلى الشيخ فأذنت له، فذهب إلى الشيخ وأعلمه بما جرى منها وما عاين فلما سمع الشيخ كلامه ضحك، وقال: والله إن هذه الكافرة الساحرة قد مكرت بك ولكن لا تبال بها أبداً.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الحادية عشرة بعد السبعمائة






ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 700





Haut du formulaire
Bas du formulaire
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 701

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الشيخ قال لبدر باسم: إن الساحرة قد مكرت بك ولكن لا تبال بها أبداً، ثم أخرج له قدر رطل سويقاً وقال له: خذ هذا معك، واعلم أنها إذا رأته تقول لك: ما هذا وما تعمل به? فقل لها: زيادة الخير خيرين وكل منه فإذا أخرجت هي سويقها وقالت لك: كل من هذا السيوق فأرها أنك تأكل منه، وكل من هذا وإياك أن تأكل من سويقها شيئاً ولو حبة واحدة فإن أكلت منه ولو حبة واحدة فإن سحرها يتمكن منك فتسحرك وتقول لك اخرج من هذه الصورة البشرية فتخرج من صورتك إلى أي صورة أرادت وإذا لم تأكل منه، فإن سحرها يبطل ولا يضرك منه شيء فتخجل غاية الخجل، وتقول لك: إنما أنا أمزح معك وتقر لك بالمحبة والمودة وكل ذلك نفاق ومكر منها فأظهر لها أنت المحبة وقل لها: يا سيدتي ويا نور عيني كلي من هذا السويق وانظري لذته، فإذا أكلت منه ولو حبة واحدة فخذ في كفك ماء واضرب به وجهها وقل لها اخرجي من هذه الصورة البشرية إلى أي صورة أردت، ثم خليها وتعال حتى أدبر لك أمراً، ثم ودعه الملك بدر باسم وسار إلى أن طلع القصر ودخل عليها. فلما رأته قالت: أهلاً وسهلاً ومرحباً ثم قامت له وقبلته وقالت له: أبطأت علي يا سيدي فقال لها: كنت عند عمي، ورأى عندها سويقاً فقال لها وقد أطعمني عمي من هذا السويق فقالت: عندنا سويقاً أحسن منه، ثم إنها حطت سويقه في صحن وسويقها في صحن آخر وقالت له: كل من هذا فإنه أطيب من سويقك فأظهر لها أنه يأكل منه فلما علمت أنه أكل منه، أخذت في يدها ماء ورشته به وقالت له: اخرج من هذه الصورة يا علق يا لئيم وكن في صورة بغل أعور قبيح المنظر فلم يتغير، فلما رأته على حاله لم يتغير قامت له وقبلته بين عينيه، وقالت له: يا محبوبي إنما كنت أمزح معك فلا تتغير علي بسبب ذلك فقال لها: يا سيدتي ما تغيرت عليك أصلاً بل أعتقد أنك تحبينني فكلي من سويقي هذا فأخذت منه لقمة وأكلتها، فلما استقرت في بطنها اضطربت فأخذ الملك بدر باسم في كفه ماء ورشها به في وجهها، وقال لها: اخرجي من هذه الصورة البشرية إلى صورة بغلة زرزورية، فما نظرت نفسها إلا وهي في تلك الحالة فصارت دموعها تنحدر على خديها وصارت تمرغ خديها على رجليه فقام يلجمها فلم تقبل اللجام فتركها وذهب إلى الشيخ وأعلمه بما جرى فقام الشيخ وأخرج له لجاماً وقال: خذ هذا اللجام وألجمها به فأخذه وأتى عندها. فلما رأته تقدمت إليه وحط اللجام في فمها، وركبها وخرج من القصر وتوجه إلى الشيخ عبد الله فلما رآها قام لها وقال لها: أخزاك الله تعالى يا ملعونة ثم قال له الشيخ: يا ولدي ما بقي لك في هذه البلاد إقامة، فاركبها وسر بها إلى أي مكان شئت وإياك أن تسلم اللجام إلى أحد، فشكره الملك بدر باسم وودعه وسار ولم يزل سائراً ثلاثة أيام ثم أشرف على مدينة فلقيه شيخ مليح الشيبة فقال له: يا ولدي من أين أقبلت? قال: من مدينة هذه الساحرة، قال: أنت ضيفي في هذه الليلة، فأجابه، وسار معه في الطريق وإذا بامرأة عجوز فما نظرت البغلة حتى بكت وقالت: لا إله إلا الله إن هذه البغلة تشبه بغلة ابني التي ماتت وقلبي مشوش عليها فبالله عليك يا سيدي أن تبيعني إياها فقال لها: والله يا أمي ما أقدر أن أبيعها قالت له: بالله عليك لا ترد سؤالي، فإن ولدي إن لم أشتر هذه البغلة ميت لا محالة، ثم إنها أغلظت عليه في السؤال فقال: ما أبيعها إلا بألف دينار فعند ذلك أخرجت من حزامها ألف دينار، فلما نظر الملك بدر باسم إلى ذلك قال لها: يا أمي أنا أمزح معك وما أقدر أن أبيعها، فنظر إليه الشيخ وقال له: يا ولدي إن هذه البلاد ما يكذب فيها أحد وكل من يكذب في هذه البلاد قتلوه فنزل الملك بدر باسم من فوق البغلة.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثانية عشرة بعد السبعمائة






ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 701





Haut du formulaire
Bas du formulaire
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 702

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن الملك بدر باسم لما نزل من فوق البغلة وسلمها إلى المرأة العجوز، أخرجت اللجام من فمها وأخذت في يدها ماء ورشتها وقالت: يا بنتي اخرجي من هذه الصورة إلى الصورة التي كنت عليها فانقلبت في الحال وعادت إلى صورتها الأولى، وأقبلت كل واحدة منهما على الأخرى، وتعانقتا فعلم الملك بدر باسم إن هذه العجوز أمها وقد تمت الحيلة عليه فأراد أن يهرب وإذا بالعجوز صفرت فتمثل بين يديها عفريت كأنه الجبل العظيم، فخاف الملك بدر باسم ووقف فركتب العجوز على ظهره وأردفت بنتها خلفها وأخذت الملك بدر باسم قدامها، وطار بهم العفريت فما مضى عليهم غير ساعة حتى وصلوا إلى قصر الملكة لاب، فلما جلست على كرسي المملكة التفتت إلى الملك بدر باسم وقالت له: يا علق قد وصلت إلى هذا المكان ونلت ما تمنيت، وسوف أريك ما أعمل بك وبهذا الشيخ البقال فكم أحسنت له وهو يسوءني وأنت ما وصلت إلى مرادك إلا بواسطته ثم أخذت ماء ورشته به وقالت له: اخرج عن هذه الصورة التي أنت فيها إلى صورة طائر قبيح المنظر اقبح ما يكون من الطيور، فانقلب في الحال وصار طيراً قبيح المنظر فجعلته في قفص وقطعت عنه الأكل والشرب فنظرت إليه جارية فرحمته وصارت تطعمه وتسقيه بغير علم الملكة ثم إن الجارية وجدت سيدتها غافلة في يوم من الأيام فخرجت وتوجهت إلى الشيخ البقال وأعلمته بالحديث وقالت له: إن الملكة لاب عازمة على إهلاك ابن أخيك فشكرها الشيخ وقال لها: لابد أن آخذ المدينة منها وأجعلك ملكة عوضاً عنها. ثم صفر صفرة عظيمة فخرج عفريت له أربعة أجنحة فقال له: خذ هذه الجارية وامضر بها إلى مدينة جلنار البحرية، وأمهما فراشة فإنهما أسحر من يوجد على وجه الأرض، وقال للجارية: إذا وصلت إلى هناك فأخبريهما بأن الملك بدر باسم في أسر الملكة لاب فحملها العفريت وطار بها، فلم يكن إلا ساعة حتى نزل بها العفريت على قصر الملكة جلنار البحرية، فنزلت الجارية من فوق سطح القصر وقبلت الأرض بين يديها وأعلمتها بما جرى لولدها من أوله إلى آخره فقامت إليها جلنار وأكرمتها وشكرتها، ودقت البشائر في المدينة وأعلمت أهلها وأكابر دولتها بأن الملك بدر باسم قد وجد، ثم إن جلنار البحرية وأمها فراشة وأهاها صالحاً أحضروا جميع قبائل الجان وجنود البحر لأن ملوك الجان قد أطاعوهم بعد أسر الملك السمندل ثم إنهم طاروا في الهواء ونزلوا على مدينة الساحرة ونهبوا القصر وقتلوا من فيه، ونهبوا المدينة وقتلوا جميع ما كان فيها من الكفرة في طرفة عين، وقالت للجارية: أين ابني? فأخذت الجارية القفص وأتت به بين يديها وأشارت إلى الطائر الذي هو فيه وقالت: هذا هو ولدك فأخرجته الملكة جلنار من القفص، ثم أخذت بيدها ماء ورشته به وقالت له: اخرج من هذه الصورة التي كنت عليها فلم تتم كلامها حتى انتفض وصار بشراً كما كان.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثالثة عشرة بعد السبعمائة






ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 702





Haut du formulaire
Bas du formulaire
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 703

قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن بدر باسم لما رشت أمه عليه الماء صار بشراً كما كان، فلما رأته على صورته الأصلية قامت إليه واعتنقته فبكى بكاء شديداً، وكذلك خاله صالح وجدته فراشة وبنات عمه وصاروا يقبلون يديه ورجليه ثم إن جلنار أرسلت خلف الشيخ عبد الله وشكرته على فعله الجميل مع ابنها وزوجته بالجارية التي أرسلها إليها بأخبار ولدها ودخل بها ثم جعلته ملك تلك المدينة، وأحضرت ما بقي من أهل المدينة من المسلمين وبايعتهم للشيخ عبد الله وعاهدتهم وحلفتهم أن يكونوا في طاعته وخدمته فقالوا سمعاً وطاعة ثم إنهم وعدوا الشيخ عبد الله وساروا إلى مدينتهم فلما دخلوا قصرهم تلقهاهم أهل مدينتهم بالبشائر والفرح وزينوا المدينة ثلاثة أيام لشدة فرحهم بملكهم بدر باسم وفرحوا فرحاً شديداً ثم بعد ذلك قال الملك بدر باسم لأمه: يا أمي ما بقي إلا أن أتزوج ويجتمع شملنا ببعضنا أجمعين، ثم أرسلت في الحال من يأتيها بالملك السمندل فأحضروه بين يديها ثم أرسلت إلى بدر باسم فلما جاء بدر باسم أعلمته بمجيء السمندل فدخل عليه فلما رآه الملك السمندل مقبلاً قام له وسلم عليه ورحب به، ثم إن الملك بدر باسم خطب منه ابنته جوهرة فقال له: هي في خدمتك وجاريتك وبين يديك فعند ذلك أحضروا القضاة والشهود وكتبوا كتاب الملك بدر باسم ابن الملكة جلنار البحرية على الملكة جوهرة بنت الملك السمندل وأهل المدينة زينوها وأطلقوا البشائر وأطلقوا كل من في الحبوس، وكسى الملك الأرامل والأيتام وخلع على أرباب الدولة والأمراء والأكابر، ثم أقاموا الفرح العظيم وعملوا الولائم وأقاموا في الأفراح مساء وصباحاً مدة عشرة أيام وأدخلوها على الملك بدر باسم بتسع خلع ثم خلع الملك بدر باسم على الملك السمندل ورده إلى بلاده وأهله وأقاربه ولم يزالوا في ألذ عيش وأهنأ أيام يأكلون ويشربون وتنعمون إلى أن أتاهم هادم اللذات ومفرق الجماعات وهذا آخر حكايتهم رحمة الله عليهم أجميعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق