فعند ذلك خرج الفأر إلى السنور وأدخله في وكره سحباً فأقام عنده إلى أن اشتد واستراح وتعافى قليلاً فصار يتأسف على ضعفه وذهاب قوته وقلة أصدقائه فصار الفأر يترفق به ويأخذ بخاطره ويتقرب منه ويسعى حوله وأما السنور فإنه زحف إلى الوكر حتى ملك المخرج خوفاً أن يخرج منه الفأر فلما أراد الخروج قرب السنور وعلى عادته فلما صار قريباً منه قبض عليه وأخذه بين أظافره وصار يعضه وينثره ويأخذه في فمه ويرفعه عن الأرض ويرميه ويجري وراءه وينهشه ويعذبه فعند ذلك استغاث الفأر وطلب الخلاص من الله وجعل يعاقب السنور ويقول: أين العهد الذي وعدتني به وأين أقسامك التي أقسمت بها? هذا جزائي منك وقد أدخلتك وكري واستأمنتك على نفسي ولكن صدق من قال: من أخذ عهداً من عدوه لا ينبغي لنفسه نجاة ومن قال: من أسلم نفسه لعدوه وكان مستوجباً لنفسه الهلاك ولكن توكلت على خالقي فهو الذي يخلصني منك.فبينما هو على تلك الحالة مع السنور وهو وجد أن يهجم عليه وينهش فيه ويفترسه وإذا برجلٍ صيادٍ معه كلاب جارحة معودة بالصيد فمر بهم كلب على باب الوكر فسمع فيه معركةً كبيرةً فظن أن فيه ثعلباً يفترس شيئاً فاندفع الكلب منحدراً ليصطاده فصادف السنور فجذبه إليه فلما وقع السنور بين يدي الكلب التهى بنفسه وأطلق الفأر حياً ليس فيه جرح وأما هو فأنه خرج به الكلب الجارح بعد أن قطع عصبه ورماه ميتاً وصدق في حقهما قول من قال: من رحم رحم آجلاً ومن ظلم ظلم عاجلاً.هذا ما جرى لهما أيها الملك فلذلك لا ينبغي لأحد أن ينقض عهد من استأمنه ومن غدر وخان يحصل له مثل ما حصل للسنور لأنه كما يدين الفتى يدان ومن يرجع إلى الخير ينل الثواب ولكن لا تحزن أيها الملك ولا يشق عليك ذلك لأن ولدك بعد ظلمه وعسفه ربما يعود إلى حسن سيرتك وأن هذا لعالم الذي هو وزيرك شماس أحب أن لا يكتم عليك شيءٌ فيما رمزه إليك وذلك رشد منه وقيل أن أكثر الناس خوفاً أوسعهم علماً وأغبطهم خيراً فأذعن الملك عند ذلك وأمر لهم بإكرام جزيل، ثم صرفهم وقام ودخل مكانه وصار يتفكر في عاقبة أمره.فلما جن الليل أقضى إلى بعض نسائه وكانت أكرمهن عنده وأحبهن إليه فراقدها فلما تم لها نحو أربعة أشهر تحرك الجنين في بطنها ففرحت بذلك فرحاً شديداً وأعلمت الملك بذلك فقال: صدقت رؤياي والله المستعان ثم أنزلها أحسن المنازل وأكرمها غاية الإكرام وأعطاها أنعاماً جزيلاً وحولها بشيءٍ كثير وبعد ذلك دعا ببعض الغلمان وأرسله ليحضر الوزير شماس، فلما حضر حدثه الملك بما صار من حمل زوجته وهو فرحان قائلاً: قد صدقت رؤياي واتصل رجائي فلعل ذلك الحمل يكون ولداً ذكراً ويكون وارثاً لملكي فما تقول يا شماس في ذلك? فسكت شماس ولم ينطق بجوابٍ فقال له الملك: ما لي أراك لا تفرح فرحي ولا ترد لي جواباً يا ترى هل أنت كارهٌ لهذا الأمر يا شماس? فسجد عند ذلك الوزير شماس بين أيادي الملك وقال: أطال الله عمرك ما الذي ينفع المستظل بشجرةٍ إذا كانت النار تخرج منها وما لذة شارب الخمر الصافي إذا حصل له بها الشرق? وما فائدة الناهل من الماء العذب البارد إذا غرق فيه وإنما أنا عبد الله ذلك أيها الملك ولكن قد قيل ثلاثة أشياء لا ينبغي للعاقل أن يتكلم في شأنها إلا إذا تمت للمسافر حتى يرجع من سفره والذي في الحرب حتى يقهر عدوه والمرأة الحامل حتى تضع حملها.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثانية والتسعين بعد الثمانمائة
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 847
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 848
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير شماساً لما قال للملك ثلاثة أشياءٍ لا ينبغي للعاقل أن يتكلم في شأنها إلا إذا تمت قال له بعد ذلك فأعلم أيها الملك أن المتكلم في شأن شيءٍ لم يتم مثل الناسك المدفون على رأسه فقال له الملك: وكيف حكاية الناسك وما جرى له? فقال له: أيها الملك أنه كان إنسان ناسك عند شريف من أشراف بعض المدن وكان للناسك جراية في كل يوم من رزق ذلك الشريف وهي ثلاثة أرغفة مع قليل من السمن والعسل وكان السمن في ذلك البلد غالياً وكان الناسك يجمع الذي يجيء إليه في جرةٍ عنده حتى ملأها وعلقها فوق رأسه خوفاً واحتراساً، فبينما هو ذات ليلةٍ من الليالي جالس على فراشه وعصاه في يده إذ عرض له فكر في أمر السمن وغلائه، فقال في نفسه: ينبغي أن أبيع هذا السمن الذي عندي جميعه واشتري بثمنه نعجة وأشارك عليها أحداً من الفلاحين فأنها في أول عام تلد ذكراً وأنثى وثاني عام تلد أنثى وذكراً ولا تزال هذه الغنم تتوالد ذكوراً وإناثاً حتى تصير شيئاً كثيراً وأقسم حصتي بعد ذلك فيها ما شئت واشتري الأرض الفلانية وأنشيء فيها غيطاً وأبني فيها قصراً عظيماً وأقتني ثياباً وملبوساً واشتري عبيداً وجواري وأتزوج بنت التاجر الفلاني وأعمل عرساً ما صار مثله قط وأذبح الذبائح وأعمل الأطعمة الفاخرة والحلويات والملبوسات وغيرها وأجمع فيها الملاعب والفنون وآلات السماع وأجهز الأزهار والمشمومات وأصناف الرياحين وأدعو الأغنياء والفقراء والعلماء وأرباب الدولة وكل من طلب شيئاً أحضرته إليه وأجهز أنواع المآكل والمشارب وأطلق منادي ينادي: من يطلب شيئاً يناله وبعد ذلك أدخل على عروسي بعد جلائها وأتمتع بحسنها وجمالها وآكل وأشرب وأطرب وأقول لنفسي قد بلغت مناك وأستريح من النسك والعبادة وبعد ذلك تحمل زوجتي وتلد غلاماً ذكراً أفرح به وأعمل له أولاً ثم أربيه في الدلال وأعلمه الحكمة والأدب والحساب وأشهر اسمه بين الناس وأفتخر به عند أرباب المجالس وآمره بالمعروف فلا يخالفني وأنهاه عن الفاحشة والمنكر وأوصيه بالتقوى وعمل الخير وأعطيه العطايا الحسنة السنية فإن رأيته لزم الطاعة زدته عطايا صالحة وإن رأيته مال إلى المعصية أنزل عليه بهذه العصا ورفعها ليضرب بها ولده فأصابت جرة السمن التي فوق رأسه فكسرتها فعند ذلك نزلت شقافتها عليه وساح السمن على رأسه وعلى ثيابه وعلى لحيته وصار عبرةً فلأجل ذلك أيها الملك لا ينبغي للإنسان أن يتكلم على شيءٍ قبل أن يصير.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثالثة والتسعين بعد الثمانمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير قال للملك لا ينبغي للإنسان أن يتكلم على شيءٍ قبل أن يصير فقال له الملك: لقد صدقت فيما قلت ونعم الوزير أنت بالصدق نطقت وبالخير أشرت ولقد صارت رتبتك عندي على ما تحب ولم تزل مقبولاً فسجد الوزير شماس لله وللملك ودعا له بدوام النعم وقال: أدام الله أيامك وأعلى شأنك وأعلم أنني لست أكتم عنك شيئاً لا في العلانية ورضاك رضاي وغضبك غضبي وليس لي فرح إلا بفرحك ولا يمكنني أن أبيت وأنت ساخطٌ علي لأن الله تعالى رزقني كل خير بإكرامك إياي فأسأل الله تعالى أن يحرسك بملائكته ويحسن ثوابك عند لقائه فابتهج الملك عند ذلك ثم قام الوزير شماس وانصرف من عند الملك.ثم بعد مدة وضعت زوجة الملك غلاماً ذكراً فنهض المبشرون إلى الملك وبشروه بغلامه ففرح الملك بذلك فرحاً شديداً وشكر الله شكراً جزيلاً وقال: الحمد لله الذي رزقني ولداً بعد اليأس وهو الشفوق الرؤوف على عباده ثم أن الملك كتب إلى سائر أهل مملكته ليعلمهم بالخير ويدعوهم إلى منزلة فحضر له الأمراء والرؤساء والعلماء وأرباب الدولة الذين تحت أمره، هذا ما كان من أمر الملك.وأما ما كان من أمر ولده فأنه قد دقت البشائر والأفراح في سائر المملكة وأقبل أهلها إلى الحضور من سائر الأقطار وأقبل أهل العلوم والفلسفة والأدباء والحكماء ودخلوا جميعهم إلى الملك ووصل كل منهم إلى حد مقامه.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الرابعة والتسعين بعد الثمانمائة
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 848
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 849
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك لما دعى أهل المملكة دخل كلٌ منهم على قدر مقامه ثم أشار إلى الوزراء السبعة الكبار الذين رئسهم الوزير شماس أن يتكلم كل واحد منهم على قدر ما عنده من الحكمة في شأن ما هو بصدده فابتدأ رئيسهم الوزير شماس واستأذن في الكلام فأذن له فقال: الحمد لله الذي انشأنا من العدم إلى الوجود المنعم على عبادة الملوك أهل العدل والإنصاف تماماً أولاهم من الملك والعمل الصالح وبما أجراه على أيديهم لرعيتهم من الرزق وخصوصاً ملكنا الذي حيا به أموات بلادنا بما أسداه علينا من النعم ورزقنا من سلامته برخاء العيش والطمأنينة والعدل، فأي ملك يصنع بأهل مملكته ما صنع هذا الملك بنا من القيام بمصالحنا وأداء حقوقنا وإنصاف بعضنا من بعض وعدم الغفلة عنا ورد مظالمنا.ومن فضل الله على الناس أن يكون ملكهم متعهداً لأمورهم وحافظاً لهم من عدوهم لأن العدو غاية قصده أن يقهر عدوه وأن يملكه في يده وكثير من الناس يقدمون أولادهم إلى الملوك خدماً فيصيرون عندهم بمنزلة العبيد لأجل أن يمنعوا عنهم الأعداء وأما نحن فلم يطأ بلادنا أعداء في زمن ملكنا لهذه النعمة الكبرى والسعادة العظمى التي لم يقدر الواصفون على وصفها وإنما هي فوق ذلك وأنت أيها الملك حقيق بأنك أهل لهذه النعمة العظيمة ونحن تحت كنفك وفي ظل جناحك أحسن الله ثوابك وأدام بقاءك لأننا كنا قبل ذلك نجد في الطلب من الله تعالى أن يمن علينا بالإجابة ويبقيك لنا ويعطيك ولداً صالحاً تقر به عيناك والله سبحانه وتعالى قد تقبل منا واستجاب دعاءنا.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الخامسة والتسعين بعد الثمانمائة
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 849
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 850
قالت: بلغني أيها الملك السعيد، أن شماساً قال للملك: أن الله تعالى قد تقبل منا واستجاب دعاءنا وأتانا الفرج القريب مثل ما آتى بعض السمك في غدير الماء فقال الملك: وما حكاية السمك? وكيف ذلك? فقال شماساً: إنما أيها الملك أنه كان في بعض الأماكن غدير ماءٍ وكان فيه بعض سمكات فعرض لذلك الغدير أنه قل ماؤه وصار ينضم بعضه إلى بعضٍ ولم يبق من الماء ما يسعها فكادت أن تهلك وقالت: ما عسى أن يكون من أمرنا وكيف نحتال ومن نستشيره في نجاتنا? فقامت سمكة منهن وكانت أكبرهن عقلاً وسناً، وقالت: ما لنا حيلة في خلاصنا إلا الطلب من الله ولكي نلتمس الرأي من السرطان فأنه أكبرنا فهلموا بنا لننظر ما يكون من رأيه، لأنه أكبر منا معرفةً بحقائق الكلام فاستحسنوا رأيها وجاؤا بأجمعهم إلى السرطان فوجدوه رابضاً في موضعه وليس عنده علمٌ ولا خبرٌ بما هو فيه فسلموا عليه وقالوا له: يا سيدنا أما يعنيك أمرنا وأنت حاكمنا ورئيسنا فأجابهم السرطان قائلاً: وعليكم السلام ما الذي جاء بكم وما تريدون? فقصوا عليه قصتهم وما دهاهم من أمر نقص الماء وأنه متى نشف حصل لهم الهلاك، ثم قالوا له: وقد جئتك منتظرين رأيك وما يكون لنا فيه النجاة لأنك كبيرنا وأعرف منا فعند ذلك أطرق رأسه ملياً ثم قال: لا شك أن عندكم نقص عقلي ليأسكم من رحمة الله تعالى وكفالته بأرزاق خلائقه جميعاً، ألم تعلموا أن الله سبحانه وتعالى يرزق عباده بغير حساب وقدر أرزاقهم قبل أن يخلق شيئاً من الأشياء وجعل لكل شخص عمراً محدوداً ورزقاً مقسوماً بقدرته الإلهية فكيف تحملوا هم شيءٍ هو في الغيب مسطور والرأي عندي أنه لا يكون أحسن من الطلب من الله تعالى فينبغي أن يكون كل واحد منا يصلح سريرته مع ربه في سره وعلانيته ويدعوا الله أن يخلصنا وينقذنا من الشدائد لأن الله تعالى لا يخيب رجاءً من توكل عليه ولا يرد طلب من توسل إليه فإذا أصلحنا أحوالنا استقامت أمورنا وحصل لنا كل خير ونعمة وإذا جاء الشتاء وغمرت أرضنا بدعاءٍ صالحاً فلا يهدم الخير الذي بناه فالرأي أن نصبر وننتظر ما يفعله الله بنا فإن كان يحصل لنا موت على العادة استرحنا وإن كان يحصل لنا ما يوجب الهرب هربنا ورحنا من أرضنا إلى حيث يريد الله فأجاب السمك جميعه من فم واحد: صدقت يا سيدنا جزاك الله عنا خيراً وتوجه كل واحدٍ منهن إلى موضعه فما مضى إلا أيامٍ قلائلٍ وأتاهم الله بمطرٍ شديدٍ حتى ملأ الغدير زيادة عما كان أولاً وهكذا نحن أيها الملك كنا يائسين من أن يكون لك ولد وحيث مّن الله علينا وعليك بهذا الولد المبارك فنسأل الله تعالى أن يجعله ولداً مباركاً وأن تقر به عينك ويحله خلفاً صالحاً ويرزقنا منه مثل ما رزقنا منك، فإن الله تعالى لا يخيب من قصده ولا ينبغي لأحدٍ أن يقطع رجاءه من رحمة الله تعالى ثم أن الوزير الثاني سلم على الملك فأجابه الملك قائلاً: وعليكم السلام.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السادسة والتسعين بعد الثمانمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير الثاني لما دخل على الملك وسلم عليه فرد الملك: وعليك السلام فقال ذلك الوزير: إن الملك لا يسمى ملكاً إلا إذا أعطى وعدل وحكم وأكرم وأحسن سيرته مع رعيته بإقامة الشرائع والسنن المألوفة بين الناس وأنصف بعضهم من بعض وحقن دماءهم وكف الأذى عنهم ويكون موصفاً بعدم الغفلة عن فقرائهم وإسعاف أعلاهم وأدناهم وإعطاءهم الحق الواجب لهم حتى يصيروا جميعاً داعين له ممتثلين لأمره لأنه لا شك أن الملك الذي بهذه الصفة محبوبٌ عند الرعية مكتسبٌ من الدنيا علاها ومن الآخرة شرفها ورضا خالقها ونحن معاشر العبيد معترفون لك أيها الملك بأن الجميع ما وصفناه عندكم كم قيل: خير الأمور أن يكون ملك الرعية عادلاً وحكيمها ماهراً وعالمها خبيراً عاملاً بعلمه ونحن الآن متنعمون بهذه السعادة وكنا قبل ذلك قد وقعنا في اليأس من حصول ولد لك يرث ملكك ولكن الله جل اسمه لم يخب رجاءك وقبل دعاءك لحسن ظنك به وتسليم أمرك إليه فنعم الرجاء رجاؤك وقد صار فيك ما صار للغراب والحية فقال الملك: وكيف ذلك حكاية الغراب والحية?
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 850
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 851
فقال الوزير: أيها الملك أنه كان غراباً ساكناً في شجرة هو وزوجته في أرغد عيش إلى أن بلغا زمان تفريخهما، وكان زمن القيظ فخرجت حيةٌ من وكرها وقصدت تلك الشجرة وتعلقت بفرعها إلى أن صعدت إلى عيشٍ الغراب وربضت فيه ومكثت فيه مدة أيام الصيف وصار الغراب مطرود لا يجد له فرصةً ولا موضعاً يرقد فيه فلما انقضت أيام الحر ذهبت الحية إلى موضعها فقال الغراب لزوجته: نشكر الله تعالى الذي نجانا وخلصنا من هذه الآفة وما أحرمنا من الزاد في هذه السنة لأن الله تعالى لا يقطع رجاءنا فنشكره على ما منّ علينا من السلامة وصحة أبداننا وليس لنا إتكالٌ إلا عليه وإذا أراد الله وعشنا إلى العام المقبل عوض الله علينا نتاجنا.فلما جاء وقت تفريخهما خرجت الحية من موضعها وقصدت الشجرة فبينما هي متعلقة ببعض أغصانها وهي قاصدة عش الغراب على العادة وإذا بحداة قد انقضت عليها وضربتها في رأسها فخدشتها فعند ذلك سقطت الحية على الأرض مغشياً عليها وطلع عليها النمل فأكلها وصار الغراب مع زوجته في سلامة وطمأنينة وفرخاً أولاداً كثيرة وشكر الله على سلامتهما، وعلى حصول الأولاد ونحن أيها الملك يجب علينا شكر الله على ما أنعم عليك وعلينا بهذا المولود المبارك السعيد بعد اليأس وقطع الرجاء أحسن الله ثوابك وعاقبة أمرك.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السابعة التسعين بعد الثمانمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير الثاني لما فرغ من كلامه ختمه بقوله: أحسن الله ثوابك وعاقبة أمرك ثم قام الوزير الثالث وقال: أبشر أيها الملك العادل بالخير العاجل والثواب الآجل لأن كل من تحبه أهل السماء والله تعالى قسم تلك المحبة وجعلها في قلوب أهل مملكتك فله الشكر والحمد منا ومنك لكي يزيد نعمته عليك وعلينا بك وأعلم أيها الملك أن الإنسان لا يستطيع شيئاً إلا بأمر الله تعالى وأنه هو المعطي وكل خير عند شخص إليه ينتهي قسم النعم على عبيده كما يحب فمنهم من أعطاه مواهب كثيرةً ومنهم من شغله بتحصيل القوت ومنهم من جعل رئيسا ومنهم من جعله زاهداً في الدنيا راغباً إليه لأنه هو الذي قال: أنا الضار النافع أشفي وأمرض وأغني وأفقر وأميت وأحيي وبيدي كل شيءٍ وإلى المصير فواجب على جميع الناس شكره وأنت أيها الملك من السعداء الأبرار كما قيل: إن أسعد الأبرار من جمع الله له بين أخرى الدنيا والآخرة ويقنع بما قسم الله له ويشكره على ما أقامه فيه ومن تعدى وطلب غير ما قدر الله له وعليه يشبه حمار الوحش والثعلب، قال الملك: ماذا حديثهما? قال الوزير: أعلم أيها الملك أن ثعلباً كان يخرج كل يومٍ من وطنه ويسعى على رزقه فبينما هو ذات يوم في بعض الجبال وإذا بالنهار قد انقضى وقصد الرجوع فاجتمع على ثعلب رآه ماشياً وصار كل منهما يحكي لصاحبه حكاية مع ما أفترسه، فقال أحدهما: أنني بالأمس وقعت في حمار وحش وكنت جائعاً وكان لي ثلاثة أيامٍ ما أكلت ففرحت بذلك وشكرت الله تعالى الذي سحره لي ثم رجعت إلى وطني ومضى علي ثلاثة أيامٍ ما أجد شيئاً آكله ومع ذلك أنا شبعان إلى الآن، فلما سمع الثعلب الحكاية حسده على شبعه، وقال في نفسه: لا بد لي من أكل قلب حمار الوحش فترك الأكل أيام حتى انهزل وأشرف على الموت وقصر شعبه واجتهاده وربض في وطنه.
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 851
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 852
فبينما هو في وطنه ذات يومٍ من الأيام وإذا بصيادين ماشيين قاصدين الصيد فوقع لهما حمار وحش فأقاما النهار كله في طرد أثره، ثم أن بعضهما رماه بسهمٍ مشعبٍ فأصابه ودخل جوفه واتصل بقلبه فقتله مقابل وكر الثعلب المذكور فأدركه الصيادان فوجداه ميتاً فأخرجا السهم الذي أصابه في قلبه فلم يخرج إلا العود وبقي السهم مشبعاً في بطن حمار الوحش فلما كان المساء خرج الثعلب من وطنه وهو يتضجر من الضعف والجوع فرأى حمار الوحش على بابه طريحاً ففرح فرحاً شديداً حتى كاد أن يطير من الفرح وقال: الحمد لله الذي يسر لي شهوتي من غير تعب لأني كنت لا اؤمل أني أصيب حمار وحش ولا غيره ولعل الله أوقع هذا وساقه إلي في موضعه ثم وثب عليه وشق بطنه وأدخل رأسه وصار يجول بفمه في أمعائه إلى أن وجد القلب فالتقمه بفمه وابتلعه فلما صار داخل حلقه اشتبك شعب السهم في عظم رقبته ولم يقدر على إدخاله في بطنه ولا على إخراجه من حلقه وأيقن بالهلاك فلهذا أيها الملك ينبغي للإنسان أن يرضى بما قسمه الله له، ويشكر نعمه ولا يقطع رجاءه من مولاه وها أنت أيها الملك بحسن نيتك، وإسداء معروفك رزقك الله ولداً بعد اليأس فنسأل الله تعالى أن يرزقه عمراً طويلاً وسعادةٍ دائمةٍ ويجعله خلفاً مباركاً موفياً بعهدك من بعدك بعد طول عمرك ثم قام الوزير الرابع وقال: إن الملك إذا كان فهيماً عالماً بأبواب الحكمة.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثامنة والتسعين بعد الثمانمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير الرابع لما قام وقال: أن الملك إذا كان فهيماً عالماً بأبواب الحكمة والأحكام والسياسة مع صلاح النية والعدل في الرعية وإكرام من يجب إكرامه وتوقير من يجب توقيره والعفو عند المقدرة إلا فيما لا بد منه ورعاية الرؤساء والمرؤوسين والتخفيف عنهم والإنعام عليهم وستر عوراتهم والوفاء بعهدهم كان حقيقاً بالسعادة الدنيوية والآخروية فأن ذلك مما يعيذه منهم ويعينه على ثبات ملكه ونصرته على أعدائه وبلوغ مأموله مع زيادة نعمة الله عليه وتوفيقه لشكره والفوز بعنايته. إن الملك إذا كان بخلاف ذلك فأنه لم يزل في مصائب وبلايا هو وأهل مملكته لكون جوره على الغريب والقريب ويصير فيه ما صار لابن الملك السائح، فقال الملك: وكيف كان ذلك? فقال الوزير: أعلم أيها الملك أنه كان في بلاد العرب ملكٌ جائر في حكمه ظالمٌ غاشمٌ عاسفٌ مضيعٌ لرعاية رعيته ومن دخل في مملكته، فكان لا يدخل في مملكته أحدٌ إلا ويأخذ عما له منه أربعة أخماس ما له ويبقى له الخمس لا غير، فقدر الله أنه كان له ولد سعيد موفق فلما رأى أحوال الدنيا غير مستقيمة تركها وهام سائحاً عابداً الله تعالى من صغره ورفض الدنيا وما فيها وذهب في طاعة الله تعالى سارحاً في البراري والقفاز داخلاً المدن، ففي بعض الأيام دخل تلك المدينة.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة التاسعة والتسعين بعد الثمانمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير قال للملك: لما دخل ابن تلك المدينة، فلما وقف على المحافظين أخذوه وفتشوه فلم يروا معه سوى ثوبين أحدهما جديد والأخر عتيق فنزعوا منه الجديد وتركوا له العتيق بعد الإهانة والتحقير فصار يشكو ويقول: ويحكم أيها الظالمون أنا رجل فقير وسائح وما عسى أن ينفعكم هذا الثوب وإذا لم تعطوه لي ذهبت للملك وشكوتكم إليه، فأجابوه قائلين: أننا فعلنا ذلك بأمر الملك فما بدا لك أن تفعله فافعله.
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 852
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 853
فصار السائح يمشي إلى أن وصل بلاد الملك وأراد الدخول فمنعه الحجاب فرجع وقال في نفسه: ما لي إلا أني أرصدة حتى يخرج وأشكو إليه حالي وما أصابني. فبينما هو على تلك الحالة ينتظر خروج الملك إذ سمع أحد الأجناد يخبر عنه، فأخذ يتقدم قليلاً قليلاً حتى وقف قبال الباب فما شعر إلا والملك خارج فتقدم السائح نحوه ودعا له بالنصر وأخبره بما وقع له من المحافظين وشكا إليه حاله وأخبره أنه من أهل الله رفض الدنيا وخرج طالباً رضا الله تعالى فصار سائحاً في الأرض وكل من وفد إليه من الناس أحسن إليه بما أمكنه وصار يدخل كل مدينةٍ وكل قريةٍ وهو على هذه الحالة ثم قال: فلما دخلت إلى هذه المدينة كان رجائي أن يفعل بي أهلها مثل ما يفعلوا بغيري من السائحين فعارضني أتباعك ونزعوا أحد أثوابي وأوجعوني ضرباً فانظر في شأني وخذ بيدي وخلص لي ثوبي وأنا لا أقيم بعد الآن في هذه المدينة ساعةً واحدةً.فأجابه الملك الظالم قائلاً: من أشار عليك بدخول هذه المدينة وأنت غير عالم بما يفعل ملكها، فقال: بعد أن آخذ ثوبي أفعل بي مرادك، فلما سمع ذلك الملك الظالم من السائح هذا الكلام حصل عنده تغيير مزاج فقال: أيها الجاهل نزعنا عنك ثوبك لكي تذل وحيث وقع منك مثل هذا الصياح عندي فأنا أنزع نفسك منك، ثم أمر بسجنه، فلما دخل السجن جعل يندم على ما وقع منه من الجواب وعنف نفسه حيث لم يترك ذلك يفوز بروحه.فلما كان نصف الليل قام وصلى صلاةً مطولةً وقال: يا الله إنك الحكيم العدل تعلم بحالي وما انطوى عليه أمري مع هذا الملك الجائر، وأنا عبدك المظلوم أسألك من فيض رحمتك أن تنقذني من يد هذا الملك الظالم وتحل به نقمتك لأنك لا تغفل عن ظلم كل ظالمٍ، فأن كنت تعلم أنه ظلمني فأحلل نقمتك عليه في هذه الليلة وأنزل به عذابك لأن حكمك عدل وأنت غياث كل ملهوفٍ يا من له القدرة والعظمة إلى آخر الدهر.فلما سمع السجان دعاء هذا المسكين صار جميع ما فيه من الأعضاء مرعوباً، فبينما هو كذلك وإذا بنار قادت في القصر الذي فيه الملك فأحرقت جميع ما فيه حتى باب السجن ولم يخلص سوى السجان السائح، فانطلق السائح وسار هو والسجان ولم يزالا سائرين حتى وصلا إلى غير تلك المدينة، وأما مدينة الملك الظالم فأنها احترقت عن آخرها بسبب جور ملكها.وأما نحن أيها الملك السعيد فما نمسي ونصبح إلا ونحن داعون لك وشاكرين الله تعالى على فضله بوجودك مطمئنين بعدلك وحسن سيرتك وكان عندنا غم كثير لعدم وجود ولد لك يرث ملكك خوفاً أن يصير علينا ملك غيرك من بعدك، والآن قد أنعم الله تعالى بكرمه علينا وأزال عنا الغم وأتانا بالسرور بوجود هذا الغلام المبارك، فنسأل الله تعالى أن يجعله خليفةً صالحةً ويرزقه العز والسعادة الباقية والخير الدائم، ثم قام الوزير الخامس وقال: تبارك الله العظيم.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة التسعمائة بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير الخامس قال: تبارك الله العظيم مانح العطايا الصالحة والمواهب السنية، وبعد فإننا تحققنا أن الله ينعم على من يشكره ويحافظ على دينه وأنت أيها الملك السعيد الموصوف بهذه المناقب الجليلة والعدل والإنصاف بين رعيتك بما يرضي الله تعالى، فلأجل ذلك أعلى الله شأنك وأسعد أيامك ووهب لك هذه العطية الصالحة التي على هذا الولد السعيد بعد اليأس وصار لنا بذلك الفرح الدائم والسرور الذي لا ينقطع لأننا قبل ذلك كنا في همٍ شديدٍ وغمٍ زائد بسبب عدم وجود ولد لك وفي أفكار فيما أنت منطوٍ عليه من عدلك ورأفتك بنا وخوفاً أن يقضي الله عليك بالموت ولم يكن لك من يخلفك ويرث الملك من بعدك فيختلف رأينا ويقع بيننا الشقاق ويصير بيننا ما صار للغراب.فقال الملك: وما حكاية الغراب? فأجابه الوزير قائلاً: أعلم أيها الملك السعيد أنه كان في بعض البراري وادٍ متسعٍ وكان به أنهارٌ وأشجارٌ وأثمارٌ وبه أطيارٌ تسبح الله الواحد القهار خالق الليل والنهار وكان من جملة الطيور غربان وكانوا في أطيب عيش وكان المقدم عليهم والحاكم بينهم غرابٌ رؤوف بهم شفوقٌ عليهم وكانوا معه في أمانٍ وطمأنينة.
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 853
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 854
ومن حسن تصريفهم فيما بينهم لم يكن أحد من الطيور يقدر عليهم فاتفق أن مقدمهم توفي وجاءه الأمر المحتوم على سائر الخلق فحزنوا عليه حزناً شديداً ومن زيادة حزنهم إنه لم يكن فيهم أحد مثله يقوم مقامه فاجتمعوا جميعاً وائتمروا فيما بينهم على من يقوم عليهم بحيث يكون صالحاً فطائفةً منهم اختارت غراباً وقالوا: إن هذا يصلح أن يكون ملكاً علينا، وآخرون اختلفوا فيه ولم يريدوه فوقع بينهم الشقاق والجدال وعظمت الفتنة بينهم، وبعد ذلك حصل بينهم توافق على أن يناموا تلك الليلة ولا يبكر أحد إلى السروح في طلب المعيشة غدا بل يصبرون جميعاً إلى الصباح وعند طلوع الفجر يكونون مجتمعين في موضع واحد ينظرون إلى كل واحد يسبق في الطيران وقالوا: إنه هو الذي يكون مختاراً عندنا للملك فنجعله ملكاً علينا ونوليه أمرنا، فرضوا كلهم بذلك وعاهد بعضهم بعضاً واتفقوا على هذا العهد، فبينما هم على هذا الحال إذ طلع باز فقالوا له: يا أبا الخير نحن اخترناك والياً علينا تنظر في أمرنا، فرضي الباز بما قالوه.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الواحدة بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير الخامس قال للملك: فرضي الباز بما قالوه وقال لهم: إن شاء الله تعالى سيكون لكم مني خير عظيم، ثم أنهم بعد ما ولوه عليهم صار كل يوم إذا سرح يسرح الغربان وينفرد بأحدهم ويضربه ويأكل دماغه وعينيه ويترك الباقي، ولم يزل يفعل معهم هكذا حتى فطنوا به فرأوا غالبهم قد هلك فأيقنوا بالهلاك وقال بعضهم لبعض: كيف نصنع وقد هلك أكثرنا وما انتهينا حتى هلك أكابرنا فينبغي أن نتيقظ لأنفسنا فلما أصبحوا نفروا منه وتفرقوا من حوله ونحن الآن نخشى أن يقع لنا مثل هذا ويصير علينا ملك غيرك ولكن قد منّ الله علينا بهذه النعمة ووجهك إلينا ونحن الآن واثقون بالصلاح وجمع الشمل والأمن والأمانة والسلامة في الوطن فتبارك الله العظيم وله الحمد والشكر والثناء الجميل وبارك الله للملك ولنا معشر الرعية ورزقنا وإياه السعادة العظمى وجعله سعيد الوقت قائم الجد، ثم قام الوزير السادس وقال: هناك الله أيها الملك بأحسن الهناء في الدنيا والآخرة فقد تقدم من قول المتقدمين أن من صلى وصام وقام بحقوق الوالدين وعدل في حكمه أبقي ربه وهو راضٍ عنه وقد وليت علينا فعدلت فكنت بذلك سعيد الحركات فسأل الله تعالى أن يجزل ثوابك ويأجرك على إحسانك وقد سمعت ما قال هذا العالم فيما نتخوف من حرمان حظنا بدم الملك ويوجد ملك آخر لا يكون فيعظم اختلافنا بعده ويقع البلاء في الإختلاف وإذا كان الأمر على ما ذكرناه فواجبٌ علينا أن نبتهل إلى الله تعالى بالدعاء لعله يهب للملك ولداً سعيداً ويجعله وارثاً للملك بعده.ثم بعد ذلك ربما كان الذي يحبه الإنسان من الدنيا ويشتهيه مجهول العاقبة له وحينئذ لا ينبغي للإنسان أن يسأل ربه أمر لا يدري عاقبته لأنه ربما كان ضرر ذلك أقرب إليه من نفعه فيكون هلاكه في مطلوبه ويصيبه مثل ما أصاب الحاوي وزوجته وأهل بيته.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثانية بعد التسعمائة
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 854
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 855
قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الوزير السادس لما قال للملك: أن الإنسان لا ينبغي له أن يسأل ربه شيئاً لا يدري عاقبته، لأنه ربما كان ضرر ذلك أقرب إليه من نفعه فيكون هلاكه في مطلوبه، ويصيبه ما أصاب الحاوي وأولاده وزوجته وأهل بيته فقال الملك: وما حكاية الحاوي وزوجته وأهل بيته? فقال الوزير: أعلم أيها الملك أنه كان إنسانا حاوياً وكان يربي الحيات وهذه كانت صنعته، وكان عنده سلةً كبيرةً فيها ثلاث حيات لم يعلم بها أهل بيته وكان كل يوم يخرج يدور بها في المدينة ويتسبب بها، بتحصيل رزقه ورزق عياله ويرجع عند المساء إلى بيته ويضع الأحناش في السلة سراً وعند الصباح يأخذها ويدور بها في المدينة فكان هذا دابه على الدوام ولم يعلم أهل بيته بما في السلة فجاء إلى بيته على عادته يوماً فسألته زوجته وقالت له: ما في السلة? فقال لها الحاوي: وما مرادك منها? أليس الزاد عندكم كثيراً زائداً فاقنعي بما قسم الله لك ولا تسألي عن غيره فسكتت عند تلك المرأة وصارت تقول في نفسها: لا بد لي أن أفتش هذه السلة وأعرف ما فيها، وصممت على ذلك وأعلمت أولادها وأكدت عليهم أن يسالوأ والدهم على تلك السلة ويلحوا عليه في السؤال لأجل أن يخبرهم فعند ذلك تعلق خاطر الأولاد بأن فيها شيءٌ يؤكل فصار الأولاد كل يومٍ يطلبون من أبيهم أن يريهم ما في السلة وكان أبوهم يدافعهم ويراضيهم وينهاهم عن هذا السؤال فمضت لهم مدة وهم على ذلك الحال وأمهم تحثهم على ذلك.ثم اتفقوا معها على أنهم لا يذوقون طعاماً ولا يشربون شراباً لوالدهم حتى يبلغهم طلبهم ويفتح لهم السلة، فبينما هم كذلك ذات ليلةٍ إذ حضر الحاوي ومعه شيء كثير من الأكل والشرب، فقعد ودعاهم ليأكلوا معه فأبوا من الحضور إليه وبينوا له الغيظ فجعل يلاطفهم بالكلام الحسن ويقول له: انظروا ماذا تريدون حتى أجيء به إليكم أكلاً أو شرباً أو ملبوساً فقالوا له: يا والدنا ما نريد منك إلا فتح هذه السلة لننظر ما فيها وإلا قتلنا أنفسنا فقال لهم: يا أولادي ليس لكم فيها خير وإنما فتحها ضرراً لكم فعند ذلك ازدادوا غيظاً.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الثالثة بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الحاوي قال لأولاده: إن فتح السلة فيه ضررٌ لكم فازدادوا غيظاً فلما رآهم على هذه الحالة أخذ يهددهم ويشير لهم بالضرب إن لم يرجعوا عن تلك الحالة فلم يزدادوا إلا غيظاً ورغبةً في السؤال فعند ذلك غضب عليهم وأخذ عصاً ليضربهم بها فهربوا من قدامه في الدار وكانت السلة حاضرة لم يخفها الحاوي في مكان فخلت المرأة الرجل مشغولاً بالأولاد وفتحت السلة بسرعة لكي تنظر ما فيها وإذا بالحيات قد خرجت من السلة ولدغوا المرأة فقتلوها ثم داروا في الدار وهلكوا الكبار والصغار ما عدا الحاوي فترك الحاوي الدار وخرج فلما تحققت ذلك أيها الملك السعيد علمت أن الإنسان ليس له أن يتمنى شيء لم يرده الله تعالى، بل يطيب نفساً بما قدره الله تعالى وأرادها، أنت أيها الملك مع غزارة علمك وجودة فهمك أقر الله عينك بحضور ولدك بعد اليأس وطيب قلبك ونحن نسأل الله تعالى أن يجعله من الخلفاء العادلين المرضين لله تعالى والرعية.ثم قام الوزير السابع وقال أيها الملك أني قد علمت وتحققت ما ذكره لك أخوتي هؤلاء الوزراء العلماء وما تكلموا به في حضرتك أيها الملك وما تميزت به عمن سواك من الملوك حيث فضلوك عنهم وذلك من بعض الواجب علينا أنا، وأما أنا فأقول الحمد لله الذي ولاك نعمته وأعطاك صلاح الملك برحمته وأعانك وإيانا على أن تزيده شكراً وما ذاك إلا وجودك وما دمت فينا لم نتخوف جوراً ولا نبغي ظلماً ولا يستطيع أحدٌ أن يستطيل علينا مع ضعفنا وقد
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 855
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 856
قيل: إن أحسن الرعايا من كان ملكهم عادلاً وشرهم من كان ملكهم جائراً. وقيل أيضاً: السكنى مع الأسود الكواسر ولا السكنى مع السلطان الجائر، فالحمد لله تعالى على ذلك حمداً دائماً حيث أنعم علينا بوجودك ورزقك هذا الولد المبارك بعد اليأس والطعن في السن، لأن أجمل العطايا في الدنيا الولد الصالح وقد قيل: من لا ولد له ولا ذكر وأنت بقويم عدلك وحسن ظنك بالله تعالى أعطيت هذا الولد السعيد فجاءك هذا الولد المبارك منة من الله تعالى علينا وعليك بحسن سيرتك وجميل صبرك وصار فيك ذلك مثل ما صار في العنكبوت والريح، فقال الملك: وما حكاية العنكبوت والريح.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الرابعة بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك قال للوزير: وما حكاية العنكبوت والريح? فقال الوزير: أعلم أيها الملك أن عنكبوتة تعلقت في باب متنح عالٍ وعملت لها بيتاً وسكنت فيه بأمانٍ وكانت تشكر الله تعالى الذي يسر لها هذا المكان وآمن خوفها من الهوان، فسكنت على هذا الحال مدة من الزمان وهي شاكرةً لله على راحتها واتصال رزقها فامتحنها خالقها بأن أخرجها لينظر شكرها وصبرها فأرسل إليها ريحاً عاصفاً شرقياً فحملها ببيتها ورماها في البحر فجرتها الأمواج إلى البر فعند ذلك شكرت الله تعالى على سلامتها وجعلت تعاقب الريح قائلةً لها: أيتها الريح لم فعلت بي ذلك وما الذي حصل لك من الخير في نقلي من مكاني إلى هنا وقد كنت آمنة مطمئنة في بيتي بأعلى ذلك الباب? فقالت لها الريح: انتهي عن العتاب فأني سأرجع بك وأوصلك إلى مكانك كما كنت أولاً فلبثت العنكبوت صابرةً على ذلك راجيةً أن ترجع إلى مكانها حتى ذهبت ريح الشمال ولم ترجع بها وهبت ريح الجنوب فمرت بها واختطفتها وطارت بها إلى جهة ذلك البيت فلما مرت به عرفته فتعلقت به. ونحن نسأل الله الذي أتاب الملك على وحدته وصبره ورزقه هذا الغلام بعد يأسه وكبر سنه ولم يخرجه من هذه الدنيا حتى رزقه قرة عين له ووهب له ما وهب من الملك والسلطان فرحم رعيته وأولاهم نعمته.فقال الملك: الحمد لله فوق كل حمد والشكر له فوق كل شكر لا إله ألا هو خالق كل شيءٍ الذي عرفنا نور آثاره وجلال عظمته يؤتي الملك والسلطان من يشاء من عباده في بلاده لأنه ينتجب من يشاء ليجعله خليفة ووكيلاً على خلفه ويأمره فيهم بالعدل والإنصاف وإقامة الشرائع والسنن والعمل بالحق والإستقامة في أمورهم على ما أحب وأحبوا فمن أهمل منهم بما أمر الله كان لحظه مصيباً ولأمر ربه مطيعاً فيكفيه هول دنياه ويحسن جزاؤه في آخراه إنه لا يضيع أجر المحسنين ومن عمل منهم بغير ما أمر الله أخطأ خطأً بليغاً وعصى ربه وآثر دنياه على آخراه فليس في الدنيا مآثر ولا في الآخرة نصيب لأن الله يمهل أهل الجود والفساد ولا يهمل أحداً من العباد وقد ذكر وزراؤنا هؤلاء أن من عدلنا بينهم وحسن تصرفنا معهم أنعم علينا وعليهم بالتوفيق لشكره المستوجب لمزيد إنعامه وكل واحدٍ منهما قال ما ألهمه الله في ذلك وبالعوافي الشكر لله تعالى والثناء عليه بسبب نعمته وفضله وأنا أشكر الله لأني إنما أنا عبدٌ مأمورٌ وقلبي بيده ولساني تابع له راضٍ بما حكم الله علي وعليهم بأي شيءٍ صار وقد قال كل واحدٍ منهم: ما خطر بباله أمر هذا الغلام وذكر وما كان من متجدد النعمة علينا حين بلغت من السن حداً يغلب معه اليأس وضعف اليقين والحمد لله الذي نجانا من الحرمان واختلاف الحكام كإختلاف الليل والنهار وقد كان ذلك أنعاماً عظيماً عليهم وعلينا فنحمد الله تعالى الذي رزقنا هذا الغلام سمياً مطيعاً وجعله وارثاً من الخلافة رفيعاً نسأله من كرمه وحلمه أن يجعله سعيد الحركات موفقاً للخيرات حتى يصير ملكاً وسلطاناً على رعيته بالعدل والإنصاف حافظاً لهم من هلكات الإعتساف بمنه وكرمه وجوده.فلما فرغ من كلامه قام الحكماء والعلماء وسجدوا لله وشكروا الملك وقبلوا يديه وانصرف كل واحدٍ منهم إلى بيته.
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 856
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 857
فعند ذلك دخل الملك بيته وأبصر الغلام ودعاه له وسماه وردخان فلما تم له من العمر اثنتا عشرة سنة أراد الملك أن يعلمه العلوم فبنى له قصراً في وسط المدينة وبنى فيه ثلثمائة وستين مقصورة وجعل الغلام فيه ورتب له ثلاثة من الحكماء والعلماء وأمرهم أن لا يغفلوا عن تعليمه ليلاً ونهاراً وأن يجلسوا معه في كل مقصورة يوماً ويحرصوا على أن لا يكون علم إلا ويعلمونه إياه حتى يصير بجميع العلوم عارفاً ويكتبون على باب كل مقصورة ما يعلمونه له فيها من أصناف العلوم يرفعون إليه في كل سبعة أيام ما عرفه من العلوم.ثم أن العلماء أقبلوا على الغلام وصاروا لا يفترون عن تعليمه ليلاً ونهاراً ولا يؤخرون عنه شيء مما عندهم من العلوم فظهر للغلام من ذكاء العقول وجودة الفهم وقبول العلم ما لم يظهر لأحد قبله وجعلوا يرفعون للملك وفي كل أسبوع مقدار ما تعلمه ولده وأتقنه فكان الملك يستظهر من ذلك علماً حسناً وأدباً جميلاً وقال العلماء: ما رأينا قط من أعطى فهماً مثل هذا الغلام فبارك الله لك فيه ومتعك بحياته فلما أتم الغلام مدة اثنتي عشرة سنة حفظ من كل علمٍ أحسنه وفاق جميع العلماء والحكماء الذين في زمانه فأتى به العلماء إلى الملك والده وقالوا له: أقر الله عينيك أيها الملك بهذا الولد السعيد وقد أتيناك به بعد أن تعلم كل علم حتى لم يكن أحد من علماء الوقت وحكمائه بلغ من بلغه ففرح الملك بذلك فرحاً شديداً وزادني في شكر الله تعالى وخر ساجداً لله عز وجل وقال: الحمد لله على نعمه التي لا تحصى ثم دعا بالوزير شماس وقال له: أعلم يا شماس أن العلماء قد أتوني وأخبروني أن ابني هذا قد تعلم كل علم ولم يبق من العلوم علمٌ إلا وقد علموه له حتى فاق من تقدمه في ذلك فما تقول يا شماس? فسجد عند ذلك لله عز وجل وقبل يد الملك وقال: أبت الياقوتة ولو كانت في الجبل الأصم إلا أن تكون مضيئةً كالسراج وابنك هذا جوهرة فما تمنعه حداثته من أن يكون حكيماً والحمد لله على ما أولاه وأنا إن شاء الله تعالى في غد أسأله واستيقظه بما عنده في مجمع أجمعه له من خواص العلماء والأمراء.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة الخامسة بعد التسعمائة قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الملك جليعاد لما سمع كلام شماس أمر جهابذة العلماء وأذكياء الفضلاء ومهرة الحكماء أن يحضروا إلى قصر الملك في غد فحضروا جميعاً فلما اجتمعوا على باب الملك أذن لهم بالدخول.ثم حضر شماس الوزير وقبل يدي ابن الملك فقام ابن الملك وسجد للشماس، فقال له الشماس: لا يجب على شبل الأسد أن يسجد لأحد من الوحوش ولا ينبغي أن يقترن النور بالظلام، قال الغلام: إن شبل الأسد لما رأى وزير الملك سجد له فعند ذلك قال له الشماس: أخبرني ما الدائم المطلق وما كوناه وما الدائم من كونيه? قال الغلام: أما الدائم المطلق فهو الله عز وجل لأنه أول بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء وأما كوناه فالدنيا والآخرة وأما الدائم من كونيه فهو نعيم الآخرة.
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 857
ألف ليلة وليلة
مؤلف ألف ليلة وليلة
الصفحة : 858
قال الشماس صدقت فيما قلت وقبلته منك غير أني أحب أن تخبرني من أين علمت أن أحد الكونين هو الدنيا وثانيهما هو الآخرة. قال الغلام لأن الدنيا خلقت ولم يكن من شيءٍ كائنٍ فآل أمرها إلى الكون الأول غير أنها عرض سريع الزوال مستوجب الجزاء على الأعمال وذلك يستدعي إعادة الفاني، فالآخرة هي الكون الثاني، قال شماس: صدقت فيما قلت وقبلت منك غير أني أحب أن تخبرني من أين علمت أن نعيم الآخرة هو الدائم من الكونين، قال الغلام: علمت ذلك من أنها دار الجزاء على الأعمال التي أعدها الباقي بلا زوال، قال الشماس: أخبرني أي أهل الدنيا أحمد عملاً قال الغلام: من يؤثر آخرته على دنياه? قال الشماس ومن الذي يؤثر آخرته على الدنيا، قال الغلام: من كان يعلم أنه في دار منقطعة وأنه ما خلق إلا الفناء وأنه بعد الفناء يحاسب وأنه لو كان له الدنيا أحداً مخلداً أبداً لا يؤثر للدنيا على الآخرة. قال شماس: أخبرني هل تستقيم آخره بغير دنيا، قال الغلام: من لم يكن له دنيا فلا آخرة له ولكن رأيت الدنيا وأهلها والمعاد الذي هم سائرون إليه كمثل أهل هؤلاء الضياع الذين لهم أمير بيتاً ضيقاً وأدخلهم فيه وأمرهم بعمل منهم ما أمر به أخرجه الشخص الموكل به من ذلك الضيق ومن لم يعمل ما أمر به وقد انقضى الأجل المضروب له عوقب.فبينما هم كذلك إذ رشح لهم من شقوق البيت عسل فلما أكلوا من العسل وذاقوا طعمه وحلاوته ترانوا في العمل الذي أمروا به ونبذوه وراء ظهورهم وصبروا على ما هم فيه من الضيق والغم مع ما علموا من تلك العقوبة التي هم سائرون إليها وقنعوا بتلك الحلاوى اليسيرة وصار الموكل بهم لا يدع أحداً منهم إذا جاء أجله إلا ويخرجه من ذلك البيت فعرفنا أن دار تتحير فيها الأبصار وضرب لأهلها فيها الآجل فمن وجد الحلاوة القليلة التي تكون في الدنيا وأشغل نفسه بها كان من الهالكين حيت أثر أمر دنياه على آخرته ومن يؤثر آخرته على دنياه ولم يلتفت إلى تلك الحلاوة القليلة كان من الفائزين.قال الشماس: قد سمعت ما ذكرت من أمر الدنيا والآخرة وقبلت ذلك منك ولكني قد رأيتهما مسلطين على الإنسان فلا بد له من إرضائهما معاهما مختلفان فإن أقبل العبد على طلب المعيشة فذلك أضرار بروحه في المعاد وإن أقبل على الآخرة كان ذلك أضرار بجسده وليس له سبيل إلى إرضاء المتخلفين معاً. قال الغلام: إنه ما حصل المعيشة من الدنيا تقوى على الآخرة فإني رأيت أمر الدنيا والآخرة مثل ملكين عادل وحائر وكانت أرض الملك الحائر ذات أشجار وأثمار ونبات وكان ذلك الملك لا يدع أحداً من التجار إلا أخذ ماله وتجارته وهم صابرون على ذلك لما يصيبونه من خصب تلك الأرض في المعيشة.وأما الملك العادل فأنه بعث رجلاً من أهل أرضه وأعطاه مالاً وافراً وأمره أن ينطلق إلى أرض الملك الجبار ليبتاع به جواهر منه فانطلق ذلك الرجل بالمال حتى دخل تلك الأرض فقيل للملك إنه جاء إلى أرضك رجلٌ تاجرٌ ومعه مالٌ كثيرٌ يريد أن يبتاع به جواهر منها فأرسل إليه وأحضره وقال له: من أنت? ومن أين أتيت? ومن جاء بك إلى أرضي? وما حاجتك? فقال له: أني من أرضٍ كذا وكذا وأن ملك تلك الأرض أعطاني مالاً وأمرني أن أبتاع له به جواهر من هذه الأرض فامتثلت أمره وجئت. فقال له الملك: ويحك أما علمت صنعي بأهل أرضي من أني آخذ مالهم في كل يوم فكيف تأتيني بمالك وها أنت مقيمٌ في أرضي منذ كذا وكذا، فقال له التاجر: إن الملك ليس لي منه شيء، وإنما هو أمانة تحت يدي حتى أوصله إلى صاحبه فقال له: إني لست بتاركك تأخذ معيشتك من أرضي حتى تفدي نفسك بهذا المال جميعه.وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
وفي الليلة السادسة بعد التسعمائة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق